المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٨٣
الألف تنقسم على مهريهما الذي تزوجهما عليهما لأنه سمي الألف بمقابلة شيئين ومقتضى هذه التسمية الانقسام باعتبار القيمة كما لو اشترى عبدين بألف درهم إلا أن البضع عند خروجه من ملك الزوج غير متقوم فوجب المصير إلى أقرب الأشياء إليه وذلك المهر الذي تزوجها عليه ألا ترى أن في الكتابة الفاسدة على العبد قيمة نفسه بعدما يعتق لان ما هو المعقود عليه هو ملك اليد والمكاسب ليست بمتقومة فيصار إلى قيمة أقرب الأشياء إليه وهو الرقبة ثم الأصل في الخلع ان النشوز إذا كان من الزوج فلا يحل له ان يأخذ منها شيئا بإزاء الطلاق لقوله تعالى وان أردتم استبدال زوج مكان زوج إلى أن قال فلا تأخذوا منه شيئا وإن كان النشوز من قبلها فله أن يأخذ منها بالخلع مقدار ما ساق إليها من الصداق لقوله تعالى فلا جناح عليهما فيما افتدت به ولو أراد أن يأخذ منها على ما ساق إليها فذلك مكروه في رواية الطلاق وفى الجامع الصغير يقول لا بأس بذلك وجه هذه الرواية ما روى أن جميلة بنت سلول رحمها الله تعالى كانت تحت ثابت بن قيس رحمه الله تعالى فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لا أعيب على ثابت بن قيس في دين ولا خلق ولكني أخشى الكفر في الاسلام لشدة بغضي إياه فقال صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته فقالت نعم وزيادة فقال صلوات الله عليه وسلم أما الزيادة فلا وروى أنه قال لثابت أخلعها بالحديقة ولا تزدد ولأنه لا يملكها شيئا إنما يرفع العقد فيحل له ان يأخذ منها قدر ما ساق إليها بالعقد ولا يحل له ا لزيادة على ذلك ووجه رواية الجامع الصغير ما روى أن امرأة ناشزة أتى بها عمر رضي الله عنه فحبسها في مزبلة ثلاثة أيام ثم دعاها وقال كيف وجدت مبيتك فقالت ما مضت على ليال هن أقر لعيني من هذه الليالي لأني لم أره فقال عمر رضي الله عنه وهل يكون النشوز الا هكذا اخلعها ولو بقرطها وعن ابن عمر رضي الله عنه ان مولاة اختلعت بكل شئ لها فلم يعب ذلك عليها وعن ابن عباس رضي الله عنه لو اختلعت بكل شئ لأجزت ذلك وهذا لأن جواز أخذ المال هنا بطريق الزجر لها عن النشوز ولهذا لا يحل إذا كان النشوز من الزوج وهذا لا يختص بما ساق إليها من المهر دون غيره فاما في الحكم الخلع صحيح والمال واجب في جميع الفصول عندنا وعند نفاة القياس لا يجب المال إذا كان النشوز من الزوج ولا تجب الزيادة إذا كان النشوز منها لقوله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلى أن قال تلك حدود الله فلا تعتدوها وقال ابن جريح يعنى في الزيادة والاعتداء يكون ظلما والمال لا يجب بالظلم ولكنا
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست