المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٧٨
ثم الهزل لا يمنع وقوع الطلاق فكذلك الاكراه وللمكره اختيار صحيح لأنه عرف الشرين فاختار أهونهما وهذا دليل صحة اختياره إلا أنه لا يحكم بصحة ردته لأنها تنبنى على الاعتقاد وهو غير معتقد وفيما يخبر به عن اعتقاده مكره فذلك دليل ظاهر على أنه غير معتقد بخلاف الهازل فإنه مستخف بالدين والاستخفاف بالدين كفر بخلاف الاقرار بالطلاق فإنه خبر متمثل بين الصدق والكذب وقيام السبب على رأسه دليل علي أنه كاذب والمخبر به إذا كان كذبا فالاخبار عنه لا يصير صدقا ولا معنى لجعل المكره آلة للمكره هنا لأنه إنما يجعل بالاكراه آلة فيما يصلح أن يكون فيه آلة لغيره دون مالا يصلح أن يكون كذلك وفى التكلم لا يصلح أن يكون آلة لغيره إذ لا يتحقق تكلم المرء بلسان غيره فبقي مقصورا عليه ولكن في حكم الاتلاف يصلح أن يكون آلة لغيره فلهذا كان الضمان على المكره مع أن الخلاف ثابت في الاكراه بالحبس وهذا النوع من الاكراه لا يجعل المكره آلة للمكره والمراد بالحديث رفع الاثم عن المكره لا رفع العين والحكم ألا ترى أنه لو أكره ان يجامع أم امرأته وجب عليه الغسل وحرمت عليه امرأته بذلك (قال) وخلع الصبي وطلاقه باطل لأنه ليس له قصد معتبر شرعا خصوصا فيما يضره وهذا لما بينا ان اعتبار القصد ينبنى على الخطاب والخطاب ينبني على اعتدال الحال وكذلك فعل أبيه عليه في الطلاق باطل لان الولاية إنما تثبت على الصبي لمعنى النظر له ولتحقق الحاجة إليه وذلك لا يتحقق في الطلاق والعتاق (قال) والمعتوه والمغمى عليه من مرض بمنزلة الصبي في ذلك لانعدام القصد الصحيح منهما (قال) وإذا اختلعت الصبية من زوجها الكبير فالطلاق واقع عليها لان الزوج من أهل الايقاع وايجاب الخلع تعليق الطلاق بشرط قبولها وقد تحقق القبول منها فيقع كما لو قال لها ان تكلمت فأنت طالق فتكلمت ولكن لا يلزمها المال لان التزام المال من الصبية لا يصح خصوصا فيما لا منفعة لها فيه كالالتزام بالاقرار والكفالة وقد بينا ان وقوع الطلاق يعتمد القبول لا وجود المقبول وكذلك الأمة إذا اختلعت من زوجها بغير إذن المولى فالطلاق واقع عليها ولا تؤاخذ بالمال الا بعد العتق لأنها مخاطبة يصح التزامها في حق نفسها دون المولى فتؤاخذ به بعد العتق كما لو التزمت بالاقرار والكفالة وان فعلته بإذن المولى سعت فيه لان التزامها المال بإذن المولى صحيح في حق المولى فتؤاخذ به في الحال والمدبرة وأم الولد في ذلك سواء كالأمة الا انها لا تحتمل البيع فتؤدى البدل من كسبها إذا التزمت
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست