المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٦
بدأ بذكر المشيئة ألا ترى أنه لا فرق بين قوله ان دخلت الدار فأنت طالق غدا وبين قوله أنت طالق غدا ان دخلت الدار ثم إنما يقع في قوله إن شئت الساعة فأنت طالق غدا إذا قالت شئت أن أكون غدا طالقا وان قالت شئت أن يقع الطلاق اليوم كانت هذه المشيئة باطلة ولم يقع عليها الطلاق اليوم ولا غدا لأنها شاءت غير ما جعله الزوج مفوضا إلى مشيئتها فإنه جعل الطلاق في الغد مفوضا إلى مشيئتها فإذا شاءت أن يقع اليوم فقد اشتغلت بشئ آخر فكان ذلك كقيامها عن المجلس (قال) ولو قال إن شئت فأنت طالق إذا شئت فهما مشيئتان إحداهما على المجلس بقوله إن شئت والأخرى مطلقة بقوله إذا شئت ولكن المشيئة المطلقة معلقة بالمشيئة المؤقتة فإذا قالت في المجلس شئت أن أكون طالقا إذا شئت فقد وجد الشرط وصارت المشيئة المطلقة منجزة فكأنه قال لها أنت طالق إذا شئت فمتى شاءت بعد هذا طلقت وإن لم تقل شيئا حتى قامت من المجلس فلا مشيئة لها لان شرط المشيئة المطلقة لم يوجد والمشيئة المقيدة بطلت بالقيام عن المجلس ويستوى ان صرح بذكر الساعة فقال إن شئت الساعة فأنت طالق إذا شئت أو لم يتكلم بالساعة ونواها قال لان هذا كلام له وجهان في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى فان نوى ما دامت في المجلس فهو كما نوى وان نوى بعده فهو كما نوي ومراده أن كلمة إذا قد تكون بمعنى ان وقد تكون بمعنى متى فان جعلت بمعنى إن كان آخر كلامه تكرارا وان جعلت بمعنى متى كان تصريحا بالمشيئة المطلقة فينوي في ذلك ولم يذكر في الكتاب ما إذا قال إذا شئت فأنت طالق إن شئت وذكر في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله تعالى أن عند زفر رحمه الله تعالى التقديم والتأخير سواء فهذا كالأول وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى المعتبر هنا المشيئة المطلقة فسواء شاءت في المجلس أو بعده طلقت فان المشيئة المطلقة أعم فلا تظهر بعدها المشيئة المؤقتة (قال) وان قال أنت طالق كيف شئت فهي طالق تطليقة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا مشيئة لها إن لم يكن دخل بها وإن كان دخل بها وقعت تطليقة رجعية والمشيئة إليها في المجلس بعد ذلك فإن شاءت البائنة وقد نوى الزوج ذلك كانت بائنة وإن شاءت ثلاثا وقد نوى الزوج ذلك كانت طالقا ثلاثا وإن شاءت واحدة بائنة وقد نوى الزوج ثلاثا فهي واحدة رجعية وإن شاءت ثلاثا وقد نوى الزوج واحدة بائنة فهي واحدة رجعية وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يقع عليها شئ ما لم تشأ فإذا شاءت فالتفريع كما قال أبو حنيفة
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست