حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ١٧٣
هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى. وحاصل فقه المسألة أن من نذر الاتيان لمسجد من المساجد الثلاثة لأجل صوم أو صلاة أو اعتكاف فإنه يلزم الاتيان إليه ن. وكذا إذا نذر إتيان ثغر لأجل صلاة أو صوم لزمه إتيانه لا لاعتكاف على ما مر، وأما إذا نذر إتيان مسجد غير الثلاثة لأجل صلاة أو صوم أو اعتكاف فإن كان بعيدا من الناذر فلا يلزمه الاتيان إليه، وإن كان قريبا منه فقولان: قيل يلزمه الاتيان إليه ماشيا واستقر به ابن عبد السلام لأنه جاء في المشي إلى المسجد من الفضل ما لم يأت مثله في الراكب، وقيل: لا يلزمه الاتيان إليه أصلا، وإذا نذر الاتيان لمسجد من الثلاثة لصلاة أو اعتكاف لزمه الاتيان إليه وإن كان مقيما ببعضها، وهل مطلقا أو إلا أن يكون ما هو فيه أفضل فلا يلزم؟ قولان. قوله: (ولغا مشي للمدينة أو إيلياء) يعني أن من نذر المشي أو السير أو الذهاب للمدينة أو لايلياء أو حلف بذلك وحنث فلا يلزمه الاتيان إليهما لا ماشيا ولا راكبا، ومحل عدم لزوم الاتيان إليهما إن لم ينو أو ينذر صلاة ولو نفلا أو صوما أو اعتكافا بمسجديهما أو يسم المسجدين لا البلدين، فإن نوى صلاة أو صوما أو اعتكافا في المسجدين أو سماهما لزمه الاتيان إليهما. قوله: (والمدينة أفضل) أي لما رواه الطبراني والدارقطني من حديث رافع بن خديج: المدينة خير من مكة نقله في الجامع الصغير، وحيث كانت المدينة أفضل فيكون الثواب المترتب على العمل في مسجدها من صلاة أو اعتكاف أكثر من الثواب المترتب على العمل في مسجد مكة.
باب في الجهاد قوله: (فرض كفاية) ظاهره مع الامن والخوف وهو ما نقله الجزولي عن ابن رشد والقاضي عبد الوهاب وذلك لما فيه من إعلاء كلمة الله وإذلال الكفر، ونقل عن ابن عبد البر أنه فرض كفاية مع الخوف ونافلة مع الامن والقول الأول أقوى انظر بن. قوله: (ويكون في أهم جهة) أي والمطلوب على جهة الوجوب أن يكون في أهم جهة إذا كان العدو في جهات وكان ضرره في بعضها أكثر من ضرره في غيرها، فإن أرسل الامام لغير الأهم أثم كما صرح به اللقاني، فإن استوت الجهات في الضرر خير الامام في الجهة التي يذهب إليها إن لم يكن في المسلمين كفاية لجميع الجهات وإلا وجب في الجميع وإن كان في جهة واحدة يعين القتال فيها، وأشار الشارح بتقدير يكون إلى أن قوله:
في أهم جهة متعلق بمقدر لا بالجهاد كما هو ظاهر المصنف لأنه يقتضي أنه لا يقع فرض كفاية إلا إذا تعددت الجهة وفيها أهم وغيره ووقع في الأهم منها مع أنه فرض كفاية، ولو كان الخوف في جهة واحدة أو جهات ولم يكن فيها أهم أو فيها أهم وجاهد في غيره، وقد يقال: لا داعي لذلك التقدير فالمصنف نص على المتوهم إذ ربما يتوهم أنه في الأهم فرض عين فلا ينافي أنه فرض كفاية أيضا إذا كان الخوف في جهة أو جهات لم يكن فيها أهم أو فيها وجاهد في غيره. قوله: (كل سنة) أي بأن يوجه الامام كل سنة طائفة ويزج بنفسه معها أو يخرج بدله من يثق به ليدعوهم للاسلام ويرغبهم فيه ثم يقاتلهم إذا أبوا منه. قوله: (فلا يسقط الجهاد) أي لان قتال الكفار أهم من قتال المحاربين.
وقال ابن عبد السلام: قتال المحاربين أفضل من قتال الكفار، وصوب ابن ناجي المشهور أنه ليس بأفضل. والحاصل أن المسألة في تقديم أحدهما على الآخر وأفضليته عليه خلافية والنظر ارتكاب أخف الضررين فإن استويا قوتل الكفار. قوله: (أي إقامة الموسم إلخ) أي وليس المراد زيارتها
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست