مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٢٩
الثاني: إجازة من له الإجازة في البيع كالولي يجيز بيع السفيه، والوصي يجيز بيع الصبي، وليست من أركان البيع فلا يؤخذ منه أنه لا يشترط الفور في القبول كما زعمه بعضهم انتهى ويشير بالفرعين لما ذكره في التوضيح عن ابن راشد القفصي أن ابن العربي أشار إلى الخلاف في ذلك وأن المختار جواز تأخيره ما تأخر. ونص كلامه قال ابن راشد.
فرع: إذا تراخى القبول عن الايجاب، فهل يفسد البيع أم لا؟ أشار ابن العربي في قبسه إلى الخلاف في ذلك ثم قال: والمختار جواز تأخيره ما تأخر. وفي شرح الجلاب المنسوب بإفريقية للشارمساحي ما يدل على اعتبار القرب قال فيه: وإذا نادى السمسار على السلعة فأعطى فيها تاجر ثمنا لم يرض به البائع ثم لم يزد أحد على ذلك فإنها تلزمه الثمن إلا أن تطول غيبته. وفي المقدمات: الذي يأتي على المذهب أن من أوجب البيع لصاحبه من المتبايعين إن أجابه صاحبه بالقبول في المجلس لم يكن له أن يرجع. ومقتضى ذلك أنه إن لم يجبه في المجلس أنه لا يلزمه. قال: يعني ابن راشد: والظاهر ما قاله ابن العربي بدليل أن المحجور عليه إذا باع من ماله أن لوصيه الإجازة وإن طال الأمد ولم يحصل غير الايجاب من المحجور مع قبول المبتاع وإيجاب المحجور كالعدم، وكذلك بيع الفضولي يقف القبول على رضا ربه على المشهور وإن طال. ويمكن أن يقال: حصل الايجاب والقبول ونظر الوصي والحاكم أمرا جرت إليه الاحكام. اه‍ كلام ابن راشد. انتهى كلام التوضيح.
قلت: أما مسألة المحجور والفضولي فلا دليل فيهما لأنه قد حصل فيهما الايجاب والقبول كما قال وذلك ظاهر، وأما كلام الشارمساحي فهو إنما ذكره في بيع المزايدة وحكمه ما تقدم في التنبيه الذي قبل هذا عن ابن رشد في رسم القطعان أن كل من زاد في السلعة كان لربها أن يلزمه إياها وإن زاد غيره عليه ما لم يسترد سلعته فيبيع بعدها أخرى أو يمكسها حتى ينقضي مجلس المناداة، وتقدم ما للأبياني في ذلك وما في ذلك من البحث.
وأما بيع المساومة فالذي يقتضيه كلام أهل المذهب أن الحكم فيه كما قال صاحب المقدمات في كلامه المتقدم في نقل التوضيح إلا أن فيه سقطا. ولفظ المقدمات في أواخر كتاب الخيار منها لما ذكر حديث البيعان بالخيار. ويحتمل أن تكون فائدة الحديث عند من ذهب إلى أن التفرقة بالأقوال أن من أوجب البيع من المتساومين لصاحبه لا يلزمه وله الرجوع عنه في المجلس ما لم يجبه صاحبه بالقبول فيه وهذا ظاهر، إلا أنه ليس على مذهب مالك وإنما هو قول محمد بن الحسن والذي يأتي على المذهب أن من أوجب البيع لصاحبه من المتبايعين لزمه إن أجابه صاحبه في المجلس بالقبول ولم يكن له أن يرجع قبل ذلك اه‍. وله نحوه في البيان في أواخر الرسم الأول من سماع أشهب من كتاب العيوب ونصه: إذا قال البائع: قد بعتك بكذا وقال المشتري: قد اشتريت منك بكذا وكذا. فلا
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست