مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٢٧٢
بمنعه، صرح بذلك ابن بشير وتابعوه وغيرهم. ومثال ذلك أن يبيع سلعتين بدينارين إلى شهر ثم يشتري إحداهما بدينار نقدا.
وقاعدة مالك رضي الله عنه وأصحابه عد ما يخرج من اليد وعاد إليها لغوا وكان البائع خرج من يده دينار وسلعة نقدا يأخذ عنها عند الاجل دينارين: أحدهما عوض عن السلعة وهو بيع، والثاني عوض عن الدينار المنقود وهو سلف. ص: (وسلف بمنفعة) ش: وكذا ما أدى أيضا إلى سلف بمنفعة للمسلف بكسر اللام فإنه ممنوع اتفاقا كمن باع سلعة إلى أجل بعشرة ثم اشتراها بثمانية نقدا فإن ثوبه رجع إليه ودفع ثمانية يأخذ عنها بعد شهر عشرة.
وإنما كان البيع والسلف بالمنفعة مما يكثر القصد إليهما لما فيهما من الزيادة والنفوس مجبولة على حبها. والباء في بمنفعة بمعنى مع وأتى الشيخ بالكاف في قوله كبيع وسلف ليدخل ما يؤدي إلى ممنوع يكثر القصد إليه غير هذين المثالين كما لو أدى إلى الدين بالدين أو إلى صرف مستأخر أو مبادلة لا تجوز كما سيأتي. ولا فرق بين أن يكون المتبايعان قصدا الممنوع وتحيلا عليه بالجائز في الظاهر أو لم يقصداه، وإنما آل أمرهما إلى ذلك. قال في التوضيح: المتهم عليه في هذا الباب كالمدخول عليه. اه‍. إلا أن الداخل عليه آثم آكل الربا كما أخبرت عائشة رضي الله عنها. ولا يقال كان ينبغي أن يكتفي بقوله:
سلف بمنفعة عن قوله: بيع وسلف لأن البيع والسلف إنما منع لأدائه إلى السلف بمنفعة لأنا نقول: هو وإن كان مؤديا إليه إلا أنه أبين في بعض الصور لأنه تعليل بالمظنة فكان أضبط اه‍. والله أعلم. ص: (لأقل كضمان بجعل) ش: لما ذكر مفهوم قوله: كثر قصده أن ما أدى إلى ما قل قصده لا يمنع وكان ذلك مختلفا فيه ومنقسما إلى قسمين أحدهما أضعف من الآخر، وكان الحكم فيهما على المشهور واحدا، نبه على ذلك بقوله: لأقل أي القصد إليه وهو على قسمين، لأنه إما أن يكون القصد إليه بعيدا جدا أو لا يكون بعيدا جدا بل يكفي أن يقصدا، فالثاني المؤدي إلى ضمان بجعل مثل أن يبيع ثوبين بعشرة دراهم إلى شهر ثم يشتري منه عند الاجل أو قبله ثوبا بالعشرة فآل أمره إلى أنه دفع له ثوبين ليضمن له أحدهما إلى أجل ويكون الثاني جعلا له على الضمان. وحكى ابن بشير وابن شاس في ذلك قولين. وحكى ابن الحاجب القولين من غير تشهير إلا أنه قال في التوضيح: ظاهر المذهب
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست