مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٢٢٣
عثمان وهشام بن إسماعيل ينهون عن ذلك اه‍. والحديث عام في كل لحم بحيوان لكنه عند مالك ليس محمولا على عمومه بل مخصوص عنده رضي الله عنه ببيع اللحم بنوعه من الحيوان. لأن بيع اللحم بالحيوان بيع معلوم بمجهول من جنسه فهو من المزابنة وهي إنما تمتنع في الجنس الواحد، ولهذا قال المصنف: كحيوان بلحم جنسه وأما لحم الطير بالغنم ولحم الغنم بلحم الطير أو لحوت فجائز قال في التوضيح: إن المزابنة شرطها اتحاد الجنس اه‍.
تنبيه: أطلق المصنف وابن الحاجب في بيع الحيوان بلحم جنسه وهو مقيد بالحيوان المباح الاكل. قال في التوضيح لما علل بالمزابنة: وفي هذا إشارة إلى أنه كان غير مباح الاكل لجاز بيعه باللحم وهو كذلك، فيجوز بيع الخيل باللحم لعدم المزابنة حينئذ اه‍.
وروي عن أشهب جواز بيع اللحم بالحيوان. قال ابن عرفة: والمعروف عنه كقول مالك اه‍.
وفي السلم الثالث من المدونة: ومحلى النهي عن اللحم بالحيوان إنما ذلك من صنع واحد لموضع التفاضل فيه والمزابنة، فذوات الأربع الانعام والوحش كلها صنف واحد لا يجوز التفاضل فيه، ويجوز لحم طير بحي من الانعام والوحش والحوت بالطير كله أحياء نقدا أو إلى أجل. وما كان من الطير والوحش والانعام لا يحيا وشأنه الذبح فلا خير فيه بالحوت ولا باللحم من غير صنفه إلا يدا بيد، وكل شئ من اللحم يجوز فيه التفاضل فجائز فيه الحي بالمذبوح ثم قال: ولا بأس بلحم الانعام بالخيل وسائر الدواب نقدا أو مؤجلا لأنها لا تؤكل لحومها، وأما بالهر والثعلب والضبع فمكروه لاختلاف الصحابة في أكلها، ومالك يكره أكلها من غير تحريم. ولا بأس بالجراد بالطير وليس هو لحما ويجوز واحدة من الجراد باثنتين من الحوت يدا بيد إذ ليس الجراد من الطير ولا من دواب الماء اه‍. ثم قيد المصنف المنع بأن لا يطبخ اللحم فإن طبخ جاز بيعه بالحيوان من جنسه لأن اللحم بالطبخ ينتقل عن جنسه، ويجوز فيه التفاضل فلا يجوز في الحيوان من باب أولى. ونقل ابن الحاجب في ذلك قولين فقال في التوضيح تبعا لابن عبد السلام: ظاهر كلامه أن القولين بالجواز والمنع، والذي حكاه ابن المواز أن ابن القاسم أجازه وأشهب كرهه.
فرع: قال الشيخ أبو الحسن في كراء الدور والأرضين في مسألة من أكرى أرضه بدراهم: إنه لا بأس أن يأخذ ما يجوز أن يبتدئا به كراء الأرض، ويؤخذ منه أن من باع حيوانا للذبح بدراهم إلى أجل أن له أن يقتضي من ثمنه طعاما كما يجوز بيعه به ابتداء. وهذا إذا كان يراد للقنية، وأما إن كان لا منفعة فيه إلا اللحم فلا يجوز اه‍ ص: (أو لا منفعة فيه
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست