مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٢٢
الثالث: الفرق بين أن تكون موقوفة أو لا على ما في سماع أشهب من البيوع وليس ذلك عندي بصحيح، لأن مسألة رسم سلعة سماها وإن لم تكن السلعة موقوفة للبيع فذهاب المشتري بها ليستشير فيها بإذن البائع يحرجها من الخلاف، وقد بين هذا في تفسير ابن مزين انتهى. ونقله ابن عرفة باختصار ونقلها في التوضيح أوله.
قلت: ويتبين صدق قوله والله أعلم بأن يكون أشهد قبل المساومة أنه لا يريد البيع وإنما يريد كذا أو بما يدل على ذلك من قرائن الأحوال نص ما في رسم سلعة سماها الذي أشار إليه ابن رشد. قال مالك في الرجل يأتي بعض النخاسين الذين يبيعون الرقيق والدواب فيسومه بالرأس أو الدابة فيقول له السائم: بثلاثين أو عشرين. فيماكسه حتى يقف على ثمن لا يزيده على هذا الكلام ولا يقول له البائع إن رضيت فخذ ولا يزيد على قوله هي بكذا وكذا فيقول السائم: أذهب بها فاستشير فيها. فيقول: نعم فاذهب واستشر ولا يزيده السائم على ذلك من القول فيرضى بها ويأتيه بالثمن، فيقول البائع: قد بدا لي وما كان بيننا إلا مساومة، أو يقول: زيد عليك فبعتها: لا أرى ذلك له وأراه بيعا نافذا عليه إن رضيه الذي ساومه، وليس له أن ينزع ذلك وأرى أن يدخله النهي عن بيع أخيه. قال ابن رشد:
هذه مسألة صحيحة بينة ليست بخلاف لما في كتاب الغرر من المدونة ولا لما في سماع أشهب من هذا الكتاب ومن كتاب البيوع، لأن قول البائع للمبتاع اذهب بها فاستشير فيها دليل على أنه قد أوجب البيع على نفسه وجعل الخيار فيها للمبتاع انتهى. وقال ابن عرفة بعد أن ذكر هذه المسألة: قلت: فكون البائع نخاسا وهو الدلال قائم مقام وقفها للبيع انتهى.
قلت: ما ذكره ابن عرفة غير ظاهر لأنه يقتضي أن يكون كالسلعة الموقوفة، وقد علمت أن الراجح فيها أن البائع يحلف ويلزمه البيع. والظاهر في المسألة ما قاله ابن رشد وأن قول البائع للمبتاع: اذهب واستشير دليل على أنه أوجب البيع على نفسه فلا يقبل قوله:
لا أرضى بعد ذلك وأنه خارج من الخلاف فتأمله. ونقل المسألة في النوادر عن مالك في كتاب ابن المواز في ترجمة ما يلزم به البيع من التساوم، ولم يذكر فيها أن البائع نخاس ونصه: ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن ساوم سلعة فماكسه المشتري حتى وقفه المشتري على ثمن فلم يزده البائع على هذا ولا قال له: إن رضيت فخذ وإنما قال: هي بكذا فيقول السائم: اذهب بها فأشاور. فيقول: افعل، فيذهب بها المشاور ثم يرضى ويأتي بالثمن فيبدو للبائع أن يقول بعتها ممن زاد عليك ويقول: إنما بيني وبينك سوم: فالبيع تام إن رضيه المبتاع وليس من ساوم بشئ فقال المبتاع: قد أخذتها فيبدو للبائع كمن وقف على ثمن سلعة ودفعها إلى المبتاع فذلك يلزمه إلا أن يقبله المبتاع وإن هلك ذلك بيد المبتاع قبل أن يرضى به فهو من البائع انتهى. ونص ما في سماع أشهب من البيوع قال أشهب: سألت مالكا عن الرجل يقول للرجل: أتبيعني سلعتك هذه؟ فيقول: نعم بكذا وكذا.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست