مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٩١
الرابع: ذكر ابن ناجي في شرح المدونة إن ابن هارون اعترض على ابن الحاجب في حكاية الاتفاق بأن مطرفا يخالف في ذلك ورد عليه بأن مطرفا المذكور ليس هو مطرفا المالكي وإنما هو من كبار التابعين انتهى.
الخامس: يكره الاشتغال بما يؤدي إلى معرفة ناقص الشهور وكاملها. قال ابن رشد في كتاب الجامع من المقدمات بعد أن ذكر أن الاشتغال بالنجوم فيما يعرف به سمت القبلة وإجراء الليل جائز بل مستحب: وأما النظر في أمرها فيما زاد على ذلك مما يتوصل به إلى معرفة نقصان الشهور من كمالها دون رؤية أهلتها فذلك مكروه لأنه من الاشتغال بما لا يغني إذ لا يجوز لاحد أن يعول في صومه وفطره على ذلك فيستغني عن النظر إلى الأهلة بإجماع من العلماء. وإنما اختلف أهل العلم فيمن كان من أهل هذا الشأن إذا أغمي الهلال هل له أن يعمل على معرفته بذلك أم لا؟ فقال مطرف ابن الشخير: إنه يعمل في خاصته على ذلك وقاله الشافعي أيضا في رواية. والمعلوم من مذهبه ما عليه الجمهور من أنه لا يعمل على ذلك وكذلك ما يعلم به الكسوفات لأنه لا يعني، وقال (ص): من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ولأنه يوهم العوام أنه يعلم الغيب ويزجر عن ذلك ويؤدب عليه انتهى باختصار.
قلت: ولا يحرم الاشتغال به لأنه ليس من علم الغيب وإنما هو من طريق الحساب والله أعلم.
السادس: قال ابن رشد في المقدمات إثر كلامه السابق: اختلف أهل العلم في معنى قول النبي (ص): فاقدروا له فذهب مالك إلى أن قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الثاني فأكملوا العدد مفسر له، وذهب الطحاوي إلى أنه ناسخ له وإلى أن معنى التقدير كان قبل النسخ بأن ينظر إذا غم الهلال ليلة الشك إلى سقوط القمر في الليلة الثانية، فإن سقط لمنزلة واحدة وهي ستة أسباع ساعة علم أنه من تلك الليلة، وإن غاب لمنزلتين علم أنه من الليلة الماضية فقضوا اليوم. وهذا قول خطأ إذ لا يسقط القمر في أول كل ليلة من جميع الشهر، كان الشهر كاملا أو ناقصا، لستة أسباع ساعة. هذا يعلم يقينا بمشاهدة بعض الأهلة أرفع وأبطأ مغيبا من بعض. وأيضا فإنه خلاف ظاهر الحديث ومقتضاه في أن التقدير إنما أمر به ابتداء قبل الفوات ليصوم أو ليفطر لا في الانتهاء بعد الفوات ليقضي أو لا يقضي. والذي أقول به في معنى التقدير المأمور به في الحديث: إذا غم الهلال أن ينظر إلى ما قبل هذا الذي غم الهلال عند آخره من الشهور، فإن كان توالى منها شهران أو ثلاثة كاملة عمل على أن هذا الشهر ناقص فأصبح الناس صياما، وإن كانت توالت ناقصة عمل على أن هذا الشهر كامل فأصبح الناس مفطرين إذ لا تتمادى أربعة أشهر ناقصة ولا كاملة على ما علم بما أجرى الله به
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست