مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٤
الخبر المنتشر هو المستفيض المحصل للعمل أو الظن القريب منه انتهى، وقاله ابن عبد السلام وقال الآبي في شرح مسلم قال المازري: يثبت الهلال بالرؤية المستفيضة. ثم قال الآبي فسر:
ابن عبد الحكم الاستفاضة بأنها خبر جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة وإن كان فيهم عبيد ونساء، وهذا الذي فسرها به إنما هو في الحقيقة التواتر. وفسر الأصوليون الاستفاضة بأنها ما زاد نقلته على ثلاثة وهي بهذا التفسير أعم مما فسرها به انتهى . قلت: لفظ النوادر: قال محمد بن عبد الحكم: وقد يأتي من رؤيته ما يشتهر حتى لا يحتاج فيه إلى الشهادة والتعديل مثل أن يكون قرية كبيرة فيراه الرجال والنساء والعبيد ممن لا يمكن فيهم التواطؤ على باطل، فيلزم الناس الصوم بذلك من باب استفاضة الاخبار لا من باب الشهادة انتهى.
قلت: وما ذكره الآبي في تفسير الاستفاضة عن الأصوليين، قاله ابن الحاجب ونصه:
والمستفيض ما زاد نقلته على ثلاثة، وقال ابن السبكي من الشافعية: وأقله اثنان. وقيل: ثلاثة.
وظاهر كلام ابن عبد الحكم بل صريحه وظاهر ما تقدم عن ابن عبد السلام والمصنف أن مرادهم بالاستفاضة هنا خلاف ما قاله الأصوليون وأنه لا بد من جماعة يحصل بهم العلم أو الظن القريب منه وإن لم يبلغوا عدد التواتر فتأمله. ص: (وعم إن نقل بهما عنهما) ش: يعني أن الحكم بثبوت رمضان يعم كل من نقل إليه إذا نقل بهما أي بشهادة عدلين أو نقل باستفاضة. وقوله: عنهما سواء كان المنقول عنه بشهادة عدلين أو استفاضة فالأقسام أربعة، وسواء كانت الشهادة المنقول عنها تثبت عند حاكم عام كالخليفة أو خاص على المشهور.
وقال عبد الملك: إذا كانت الشهادة عند حاكم خاص فلا تعم الامن في ولايته. قال ابن عبد السلام: وهذا الخلاف فيما نقل عن الحاكم المخصوص، وأما ما ينقل عن الشهود أو الخبر المنتشر فلا تختص به جهة دون جهة ونقله في التوضيح.
تنبيه: قال ابن عرفة قال أبو عمر: وأجمعوا على عدم لحوق حكم رؤيته ما بعد كالأندلس من خراسان انتهى. ص: (لا بمنفرد) ش: يحتمل أيكون مخرجا من قوله: برؤية عدلين والمعنى أنه لا يثبت الهلال برؤية العدل الواحد وهذا هو المذهب، قال ابن عرفة:
والمذهب لغو رؤية العدل لغيره. ابن حارث اتفاقا انتهى. وظاهر كلامه أنه لا خلاف فيه. وقال اللخمي: منع مالك أن يصام بشهادة الواحد لا على وجه الوجوب ولا على وجه الندب ولا الإباحة. قال سحنون: لو كان مثل عمر بن عبد العزيز ما صمت بقوله ولا أفطرت. ثم نقل عن ابن الماجشون إجازة الصوم لرؤية الواحد، ويحتمل أن يكون مخرجا مما يليه والمعنى أنه لا
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست