مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٨٠
يقرأ، ومنها اجتماع العوام لسماع تلك الألحان فيقع منهم زعقات وصياح عند سماعها، ومنها خوف الفتنة بصوت الشباب الذين يصعدون على المنائر للتذكار ثم قال بعد ذلك: وينهى المؤذنون عما أحدثوه في شهر رمضان من التسحير لأنه لم يكن في عهد النبي (ص) ولا أمر به ولم يكن من فعل من مضى، وذكر اختلاف عوائد الناس في التسحير فمنهم من يسحر بالآيات والأذكار على الموادن، ومنهم من يسحر بالطبلة، ومنهم من يسحر بدق الأبواب ويقولون: قوموا كلوا، ومنهم من يسحر بالطار والشبابة والغناء، ومنهم من يسحر بالبوق والنفير وكلها بدع، وبعضها أشنع من بعض. ورد على من يقول: إنها بدعة مستحسنة، وأنكر أيضا تعليق الفوانيس في المنائر علما على جواز الأكل والشرب في رمضان، وعلى تحريمهما إذا أنزلوها قال: وكذلك يمنع لوجوه: منها أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أرادوا أن يعلموا وقت الصلاة بأن ينوروا نارا فأمر رسول الله (ص) بالاذان بدلا من ذلك، ومنها أن في ذلك تغريرا للصائم لأنه قد ينطفئ في أثناء الليل فيظن من لا يراه أن الفجر قد طلع فيترك الأكل والشرب ، وقد ينساه من هو موكل به فيظن من يراه أن الفجر لم يطلع فيأكل أو يشرب فيفسد صومه. ثم قال: وينهى المؤذنين عما أحدثوه من التذكار يوم الجمعة لما تقدم من أن النبي (ص) لم يفعله ولا أمر به ولا فعله أحد بعده من السلف الماضيين بل هو قريب العهد بالحدوث أحدثه بعض الامراء وهو الذي أحد التغني بالاذان انتهي.
قلت: وهذا الذي قاله خلاف ما ذكره ابن سهل عن ابن عتاب والمسيلي أنهما أجازا قيام المؤذنين بعد نصف الليل بالذكر والدعاء. وذكر ابن دحون وابن جرج خالفا في ذلك وقالا في مؤذن: يقوم في جوف الليل ويؤذن ويتهلل بالدعاء ويتردد في ذلك إلى أن يصبح وقام عليه قائم. وقال: إن في ذلك ضررا على الجيران أنه يؤمر أن يقطع الضرر ويجري على ما كان عليه الناس من الاذان المعهود في الليل على ما كان عليه من أفعال الصالحين. وذكره ابن عرفة في باب إحياء الموات من مختصره وجزم بأن قيام المؤذن في آخر الليل بالذكر والدعاء مع حسن النية قربة، وجعل الخلاف في قيامه قبل ذلك ونصه: ورفع الصوت بالدعاء والذكر بالمسجد آخر الليل مع حسن النية قربة، وجوازه بعسعسة الليل مع مضي نصفه.. ومنعه نقلا ابن سهل عن ابن عتاب محتجا بقول مالك: بعدم منع صوت ضرب الحديد مع المسيلي وابن دحون مع ابن جرج محتجين بوجوب الاقتصار على فعل السلف الصالح انتهى بلفظه. وفي النوادر قال علي بن زياد عن مالك: وتنحنح المؤذن في السحر محدث وكرهه انتهى. وقال في البرهان البقاعي الشافعي إن التسبيح مشروع لانطلاق علة الاذان عليه وهو قوله (ص): لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم رواه الستة إلا
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست