مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١١٣
السنة الترتيب ونصه: والسنة المتقدمة في الاذان أن يؤذنوا واحدا بعد واحد، فإن كان المؤذنون جماعة فيؤذنون واحدا بعد واحد في الصلوات التي أوقاتها ممتدة، فيؤذنون في الظهر من العشرة إلى خمسة عشر، وفي العصر من الثلاثة إلى الخمسة، وفي العشاء كذلك، وفي الصبح يؤذن لها على المشهور من سدس الليل الآخر إلى طلوع الفجر، وفي كل ذلك يؤذن واحد بعد واحد، والمغرب لا يؤذن لها إلا واحد ليس إلا، فإن كثر المؤذنون فزادوا على عدد ما ذكر وكانوا يبتغون بذلك الثواب وخافوا أن يفوتهم الوقت ولم يسعهم الجميع إن أذنوا واحدا بعد واحد، فمن سبق منهم كان أولى فإن استووا فيه فإنهم يؤذنون الجميع. قال علماؤنا: ومن شرط ذلك أن يؤذن كل واحد منهم لنفسه من غير أن يمشي على صوت غيره، وكذلك الحكم في مذهب الشافعي وذكر كلام الروضة ثم قال: وأذانهم جماعة على صوت واحد من البدع المكروهة المخالفة لسنة الماضين، والاتباع في الاذان وغيره متعين، وفي الاذان أكثر لأنه من أكبر أعلام الدين، وفي الاذان الجماعة مفاسد مخالفة السنة. ومن كان منهم صيتا حسن الصوت وهو المطلوب في الاذان خفي أمره فلا يسمع ولا يفهم السامع ما يقولون، والغالب على بعضهم أنه يأتي بالاذان كله لأنه لا بد أن يتنفس فيجد غيره قد سبقه فيحتاج أن يمشي على صوت من تقدمه فيترك ما فاته. وأول من أحدث الاذان جماعة هشام بن عبد الملك ثم قال بعد ذلك: وانظر إلى حكمة الشرع في الاذان واحدا بعد واحد كيف عمت بركته للأمة، لأنه ورد في الحديث أن من حكاه فله مثل أجره، فلو كان المؤذن واحدا فاتت هذه الفضيلة كثيرا من الأمة لأن المكلف قد يكون قاعدا لقضاء حاجته أو مشغولا أو في أكله أو في شربه أو في نومه إلى غير ذلك من الاعذار، ولو كانوا جماعة يؤذنون في فور واحد لفاتتهم حكايته، فإذا أذنوا على الترتيب السابق فمن كان له عذر في ترك حكاية الأول أدرك الثاني ويكون الناس على علم من الوقت إذا علموا المؤذن الأول والثاني والثالث إلى آخر الذي يصلي عند آخر أذانه انتهى. وظاهر ما نقل في النوادر عن ابن حبيب التخيير كما في كلام المصنف في قوله: إنهم إذا تعددوا وتنازعوا قدم من سبق هذا عند تساويهم وإلا فيقدم الأفضل. قال ابن ناجي في شرح المدونة: فإن تشاح المؤذنون قدم الأولى، فإن تساووا أقرع بينهم انتهى مجمعا من مواضع وبعضها باختصار. فيؤخذ منه أن تعدد المؤذنين وترتبهم أولى من الاقتصار على واحد من جمعهم في أذان واحد، وهذا ما وعدنا به انتهى.
تنبيهات: الأول: تقدم أنهم لا يترتبون في المغرب وكذلك إذا خافوا خروج الوقت المستحب. قاله في التوضيح والشامل، وتقدم في كلام صاحب المدخل إشارة إلى ذلك.
الثاني: قال ابن ناجي في شرح المدونة: واعلم أن الامر في المغرب كما تقدم ولو قلنا:
إن وقتها يمتد احتياطا.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست