مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٤٩٥
توضأ وصلى، لان التيمم إنما شرع لأجل إدراك فضيلة الوقت، وقد ذهب. قاله بعض فضلاء أصحابنا قائلا: ولا وجه لتوقف بعضهم في ذلك وميله إلى الصلاة به قائلا: لأنه فعله بوجه جائز كما إذا أحرم والفرق واضح وهو التلبس بالعبادة انتهى. قلت: وهو ظاهر وإذا كان الحكم كذلك فيمن يخاف خروج الوقت إذا تشاغل بالطلب فأحرى فيمن يخاف خروجه باستعماله الماء أو بنزعه من البئر أو بطلب آلة ينزع بها والله أعلم.
فرع: قال العوفي: لو كان الماء باردا لا يقدر على استعماله لمرض به إلا بتسخينه، وهو لو سخنه أو بعث إليه من الحمام لخرج الوقت، فذهب بعض أهل العصر إلى أنه يدخله الخلاف في الذي إذا تشاغل بالماء ذهب الوقت وهو عندي خطأ، فإن كونه لا يقدر لمرض فهذا مريض له حكم المريض يباح له التيمم بخلاف خائف خروج الوقت لأنه صحيح. نقله ابن ناجي في شرح المدونة والمشذالي في حاشيته، وزاد هذا: إذا كان لمرض وإن كان لمشقة تلحقه. فإن قلنا المشقة من غير مرض توجب الترخص كان كالمريض وإلا فهو كالصحيح انتهى.
قلت: وفي هذا الكلام نظر لأنه يقتضي أن مجرد المشقة من غير خوف مرض يبيح التيمم ولا أعلم في ذلك خلافا، وإنما الخلاف في خوف المرض. وبحث معه المشذالي في تخطئته لبعض العصريين قائلا: لاحتمال أن يقال المريض المندرج في الآية الذي لا يقدر على مس الماء مطلقا وهذا يقدر على استعماله من وجه فيطالب باستعماله من ذلك الوجه، فإن كان تشاغله بتحصيل ذلك الوجه لا يفيته الوقت فواضح، وإن كان يفيته صح إجراء الخلاف فيه مما ذكره بعض العصريين انتهى. هذا هو الظاهر، ويفهم منه أنه لو كان الوقت متسعا وجب عليه تسخين الماء وهو ظاهر والله أعلم.
فرع، ومنه ما قاله القرافي في الذخيرة في الفضل الذي ذكر فيه حكم إزالة النجاسة وهو أنه إذا قلنا إن المصلي إذا تذكر النجاسة وهو في الصلاة يقطع فإذا بقي من الوقت ما لا يسع بعد إزالة النجاسة ركعة فيتخرج على الخلاف فيمن إذا تشاغل برفع الماء من البئر خرج الوقت، وهذا أولى بالتمادي لان الصلاة بالنجاسة أخف بالصلاة بالحدث لوجوب رفعه إجماعا، انتهى. أوله بالمعنى.
ومن قوله بقي من الوقت باللفظ ولو تذكر قبل الدخول في الصلاة وقد ضاق الوقت حتى لا يسع بعد إزالة النجاسة ركعة فالظاهر مثله والله أعلم. والذي يظهر لي أن تخريج الفرع الأول الذي ذكره القرافي علي من تيمم ثم وجد الماء قبل الدخول في الصلاة أولى وأقرب، وتخريج الفرع الثاني على الخلاف الذي ذكره أقرب والله أعلم. وقد نص في التوضيح على وجوب غسل النجاسة أنه إن ضاق يصلي بالنجاسة. أنظره في الكلام على حكم إزالة النجاسة من التوضيح. ص: (وجاز
(٤٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»
الفهرست