مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٩٣
ش: إنما قدم الشيخ قوله: بعده على قوله: ليرتب عليه هذا الفرع. وفهم من كلامه أنه يقول الذكر المتقدم قبل وصوله إلى محل الحدث، سواء كان الموضع معدا لقضاء الحاجة أم لا، فإن فاته أن يقول ذلك قبل وصوله إلى المحل قاله بعد وصوله إلى المحل إن لم يكن معدا لقضاء الحاجة، وهذا نحو ما تقدم عن الذخيرة وما سيأتي عن الجواهر.
تنبيه: قيد ابن هارون ذلك بما قبل جلوسه للحدث قال في شرح قول ابن الحاجب:
والذكر قبل موضعه وفيه إن كان غير معد. قوله: وفيه إن كان غير معد يعني قبل جلوسه للحدث، وأما في حال الجلوس فلا، لان الصمت حينئذ شروع في حقه ولذلك لا يرد على من سلم عليه. ومفهوم الشرط في كلام المصنف أنه إذا كان الوضع معدا لقضاء الحاجة فلا يقول الذكر فيه ويفوت بالدخول. وانظر هل ذلك مكروه أو ممنوع؟ وكذا قوله فيما يأتي:
وبكنيف نحى ذكر الله هل هو على جهة الوجوب أو الكراهة؟ فإن الكلام في ذلك واحد والنقول في ذلك مختلفة وظاهر كلام التوضيح المنع فإنه قال في قول ابن الحاجب: وفي جوازه في المعد قولان، كالاستنجاء بخاتم فيه ذكر شبه الخلاء بمسألة الخاتم والمعروف في الخاتم المنع، والرواية بالجواز منكرة. ثم المنع في الخاتم أقوى من الذكر لمماسة النجاسة له ونحوه لابن عبد السلام فإنه قال: المنع المشبه به أقوى منه في المشبه وهي غير حاصلة في المشبه. وأخذ من من المدونة المنع في مسألة الاستنجاء بالخاتم من أول كتاب التجارة إلى أرض الحرب في منع مبايعة أهل الذمة بالدنانير والدراهم المنقوشة عليها أسماء الله تعالى. وفيها أيضا قول بالجواز انتهى. وصرح بذلك في الجواهر فقال: ويقدم الذكر قبل الوصول إلى موضع الحدث، ويجوز له أيضا بعد وصوله إن كان موضعا غير معتاد للحدث، وإن كان معتادا له فقولان في جوازه ومنعه وهما جاريان أيضا في جواز الاستنجاء بالخاتم مكتوب فيه ذكر الله انتهى. وقال الشارح في شروحه: المشهور أنه لا يجوز في المعد. وقيل: بجوازه. وكلام هؤلاء صريح في المنع ومقتضاه حرمة الذكر ووجوب تنحية كل ما فيه ذكر. وأما البساطي وابن الفرات والأقفهسي فلم يصرحوا بالمنع ولم يذكر ابن عرفة نقلا صريحا في المنع بل قال: ويؤمر مريد الحدث بذكر نحو: أعوذ بالله من الخبث والخبائث قبل فعله في غير معدله، وفيه قال اللخمي: قبل دخوله، وروى عياض جوازه فيه انتهى. وكلام اللخمي كذلك ليس فيه منع ونصه: ويستحب أن يستعيذ بالله قبل التلبس بذلك إن كان بصحراء، وإن كان في الحاضرة قبل دخوله الخلاء انتهى. وكلام عياض الذي ذكره هو في آخر الصلاة من الاكمال ونصه: اختلف العلماء والسلف في هذا أي ذكر الله تعالى في الخلاء، فذهب بعضهم إلى جواز ذكره تعالى في الكنيف. وعلى كل حال، وهو قول النخعي والشعبي وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن سيرين ومالك بن أنس. وروي كراهة ذلك عن ابن عباس وعطاء والشعبي وغيرهم، وكذلك اختلفوا في دخول الكنيف بالخاتم فيه ذكر الله تعالى انتهى. فلم يحك عن مالك إلا الجواز. وقال في
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست