مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٦١
وضوئي بأي أعضائي بدأت، وقول ابن عباس: لا بأس بالبداءة بالرجلين قبل اليدين خرج الأثرين الدارقطني مع صحبة علي رضي الله تعالى عنه لرسول الله (ص) طول عمره، فلولا اطلاعه على عدم الوجوب لما قال ذلك، وكذلك ابن عباس انتهى. وحيث انتفى الوجوب قلنا إنه سنة لمواظبة النبي (ص) عليه. ووجه ابن رشد القول بالوجوب بأن الله سبحانه وتعالى رتب الأعضاء بعضها على بعض. وقال النبي (ص): توضأ كما أمرك الله تعالى، وبأن الوضوء عبادة ذات أجزاء يكره الكلام فيها، فكان الترتيب واجبا فيها كالصلاة، وبأن النبي (ص) توضأ مرتبا وفعله محمول على الوجوب، وبأنه (ص) توضأ كذلك وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به. ثم قال: والجواب أن هذه مناسبات تقتضي أن الترتيب مطلوب ونحن نوافق على ذلك. ووجه القول بأنه واجب مع الذكر أن الترتيب يرجع إلى النهي عن التنكيس. والنهي يفترق عمده من نسيانه انتهى. ووجه الاستحباب أنه حيث انتفى الوجوب حمل على الندب إذ هو الأصل في الهيئات كالابتداء بمقدم الرأس وبأول العضو وباليمنى قبل اليسار والله تعالى أعلم. ص: (فيعاد المنكس وحده بعد أن بجفاف وإلا مع تابعه) ش: يعني إذا قلنا إن الترتيب سنة، فمن نكس أعضاء وضوئه فإنه يعيد المنكس وحده ولا يعيد ما بعده أن بعد عن محل الماء، وإن لم يبعد أعاد الوضوء المنكس وما بعده. هذا قول ابن القاسم. وقال ابن حبيب: يعيد المنكس وما بعده، سواء كان بعيدا أو قريبا. وما ذكره المصنف من إعادة المنكس وما بعده مع القرب هو الذي نص عليه ابن رشد وابن بشير وغيرهما. قال في التوضيح: وظاهر كلام ابن شاس أنه يعيد الوضوء قال: ولفظه إن كان بحضرة الماء فإنه يبتدئ ليسارة الامر عليه انتهى.
قلت: والظاهر ما قاله ابن رشد وابن بشير وعليه اقتصر صاحب الطراز والمصنف والله تعالى أعلم.
فرع: من نكس بعض عضو فحكم ذلك البعض حكم المنكس. قال ابن يونس: فيمن غسل يديه أول وضوئه ثم لم يعد غسل كفيه بعد غسل وجهه: إن كان قصد بغسل يديه أولا السنة فلا يجزئه وليعد ما صلى بذلك، فإن قصد بذلك الفرض فتجزئه صلاته إلا أنه يصير كمن نكس وضوءه، قاله أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو محمد بعد أن قال يجزئه انتهى. كأنه يعني - والله أعلم - أن أبا محمد قال: أولا: لا يجزئه ولم يفصل بين أن يكون قصد به أولا السنة أم لا والله تعالى أعلم.
تنبيهات: الأول: هذا حكم من ترك الترتيب ناسيا، فأما من نكس وضوءه عامدا،
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست