مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٤٦
بعض أعضاء الوضوء ضرورة رجحان دلالة المطابقة على دلالة التضمن. وأجاب عن ذلك بأن نيته معينا إن كان على أن رفع الحدث بالمجموع فهو كما قلتم يعني أنه زال، وإن كان على أن رفعه به من حيث ذاته وكذا سائر أعضائه فهو محل القولين انتهى. والصحيح من المذهب عدم الصحة بل قال ابن بزيزة: إنه المنصوص، واستظهر ابن رشد القول الثاني وعزاه لابن القاسم ونقله في التوضيح، وإلى استظهار ابن رشد أشار بقوله والأظهر في الأخير الصحة ص:
(وعزوبها بعده ورفضها مغتفر) ش: ذكر مسألتين.
الأولى: منهما عزوب النية وهو انقطاعها والذهول عنها، والضمير في قوله بعده عائد إلى الوجه في قوله عند وجهه والمعنى أن الذهول عن النية بعد الاتيان بها في محلها عند غسل الوجه مغتفر. قال ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح: قوله مغتفر يعطي أن الأصل استصحابها إلى آخر الطهارة وهو كذلك وإنما سقط عنه للمشقة.
قلت: ما لم يأت ما يضادها، إما نية مضادة لها كما تقدم فيما إذا أتى بالغسلة الثانية والثالثة بنية الفضيلة كما تقدم في كلام ابن عبد السلام، وإما بأن يعتقد انقضاء الطهارة وكمالها ويكون قد ترك بعضها ثم يأتي به من غير منية فلا يجزئ كما تقدم في الكلام على الموالاة والله تعالى أعلم.
والمسألة الثانية: رفض النية وذكر المصنف أنه مغتفر أيضا، والرفض في اللغة الترك ومعناه هنا تقدير ما وجد من العبادة والنية كالمعدوم. وظاهر كلام المصنف أن الرفض لا يضر، سواء كان بعد كمال الوضوء أو في أثنائه، إذا رجع وكمله بنية رفع الحدث بالقرب على الفور.
وظاهر كلامه في التوضيح أن الخلاف جار في الصورتين، وسيأتي كلامه. أما إذا رفض النية في أثنائه ثم لم يكمله أو كمله بنية التبرد أو التنظف أو نية رفع الحدث بعد طول، فلا إشكال في بطلانه. وأما إذا كمله بالقرب فالذي جزم به عبد الحق في نكته أن ذلك لك لا يضر.
ويظهر من كلام المصنف في التوضيح أنه المعتمد هنا وهو ظاهر إطلاقه، والذي جزم به ابن جماعة وصاحب الطراز أن ذلك مبطل للوضوء. وقال ابن ناجي في شرح المدونة: إن عليه أكثر الشيوخ. وقال: إن الذي نقله صاحب النكت من غرائب أنقاله. وأما إذا رفض الوضوء بعد
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست