مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٣٨
والوضوء، فإن في الوضوء ينوي المنع من الصلاة مطلقا فرضها ونفلها، ورفع المنع من غيرها من طواف ومس مصحف، وأما في التيمم فلا تصح الصلاة حتى ينوي استباحة الصلاة المعينة.
انظر ابن عرفة، وانظر كلام التوضيح في شرح قول ابن الحاجب. ولو نوى ما يستحب له الوضوء. وقوله أو الفرض أي امتثال أمر الله تعالى بأداء ما افترض عليه أو استباحة ما كان الحدث مانعا منه، سواء نوى استباحة جميعه أو استباحة شئ واحد، فإنه يستبيح الجميع على المشهور كما سيأتي. قال ابن بشير: والمطلوب من النية في الطهارة أن ينوي أحد ثلاثة أشياء:
إما رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو امتثال الامر، وهذه متى حضر ذكر جميعها فلا يمكن أن يقصد ذكر أحدها دون الآخر بل هي متلازمة، وإن خطر بباله بعضها أجزأ عن جميعها، ولو خطر بباله جميعها وقصد بطهارته بعضها ناويا عدم حصول الآخر فالطهارة باطلة لأن النية غير حاصلة، ومثاله: أن يقول أرفع الحدث ولا أستبيح الصلاة أو أستبيح الصلاة ولا أرفع الحدث، أو أمتثل أمر الله تعالى في الايجاب ولا أستبيح الصلاة ولا رفع الحدث، فهذا أتى بنية متضادة شرعا فتتنافى النية وتكون كالعدم انتهى. وقال في الجواهر: وكيفيتها أن ينوي رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو ما لا يستباح إلا بطهارة وأداء فرض الوضوء انتهى. ويفهم من كلام ابن بشير أنه لو نوى فرض الوضوء أو الوضوء الذي أمر الله به لصح وضوءه.
تنبيه: قال العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد ابن مرزوق التلمساني في قول المصنف أو الفرض: هذه النية إذا صاحبت وقت الفرض فلا إشكال وإن تقدمته ففي صحتها نظر لأنه لم يجب.
فإن قلت: قد رخصوا في الوضوء قبل الوقت.
قلت: أما نية رفع الحدث أو استباحة ما لا يستباح إلا به فظاهر، وأما نية الفرض فمشكل لأنه إذا نوى فرضية وضوئه ذلك فكذب لان وقته لم يحضر، وإن نوى فرض الوضوء من حيث الجملة لم يصح لأن النية إنما شرعت لتمييز المنوي، وإن نوى فرض ما يأتي لم يصح الجزم به لأنه لا يدري هل يصل إليه أو لا وإن نوى إن بقيت لم يصح أيضا للتردد في النية كمغتسل قال: إن كنت جنبا فهذا له انتهى.
قلت: قد تقدم في مقدمة هذا الكتاب عن القرافي أن الفرض له معنيان: أحدهما ما يأثم بتركه، والثاني ما يتوقف عليه الشئ وإن لم يأثم بتركه كقولنا: الوضوء للنافلة واجب.
وهو أعم من الأول. والفرض المنوي هنا بالمعنى الثاني أي ما يتوقف عليه الاتيان بالأشياء التي منع منها الحدث فهو راجع إلى معنى استباحة ما يمنع من الحدث وإلى رفع الحدث، ولهذا قال ابن بشير بعد، إن الأوجه الثلاثة متلازمة متى ذكر جميعها لا يمكن أن يقصد ذكر أحدها دون الآخر كما تقدم فتأمله والله تعالى أعلم. وانظر كلام ابن أبي شريف الشافعي في شرح الارشاد: وهذا إذا كان وقت الصلاة لم يدخل أو كانت العادة التي
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست