مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٦٦
العلماء أنه يطهر بالغسل قال: وهو بعيد ذكر ذلك في فضل خروج العالم إلى قضاء حاجته في السوق. وقال في النوادر في آخر كتاب الذبائح: إذا ذبحت الشاة فسال دمها وبقي في المذبح ما بقي فلولا أنا نخاف أن يكون قد تكاثف مما بقي في منحرها من بقايا الدم الجاري لاخترنا أن يطبخ ذلك من غير غسل، ولكن لبقية ما اتقينا من هذا نأمر بغسل المذبح، وإن طبخ ذلك ولم يغسل فالذي يؤمر به من نزل ذلك به أن يغسل اللحم ويأكله. ثم قال: ولو أن دجاجة لم يغسل مذبحها فسمطت في ماء حار ثم غسلت بعد ذلك جاز ذلك، طبخت بعد ذلك أو شويت. وإذا كان الدم في الدجاجة لم يتعد المنحر كان خفيفا إن لم يبق منه أثر يتكاثف فنحن نكرهه حتى يغسل، ويستحب إن لم يغسل وطبخت من غير غسل أن يغسل اللحم ويؤكل وليس بحرام، لان الدم المسفوح في اللغة الجاري انتهى. فظاهر كلامه أن المسموط أخف من المطبوخ وهو الذي يطهر لان المسموط لا يترك في الماء حتى يتأثر بالنجاسة. وقال بعضهم: لان اللحم مهما نجس بالحرارة ينكمش وينقبض ويدفع ما فيه من الرطوبة حتى يتأثر ويبتدئ في النضج، فحينئذ يقبل النجاسة فيكون قبوله للتطهير أولى، لأنه إنما تنجس ظاهره فتأمله والله تعالى أعلم.
الرابع: إذا بل في ماء نجس حب أو فول ونحو ذلك وتشرب بالنجاسة فلا يطهر كما نقله البرزلي عن أبي محمد رحمه الله تعالى في مسألة الفأر تقع في مطمر، وقاله مالك رحمه الله تعالى في رسم سلف من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة في القمح يبل من بئر وقعت فيها فأرة أنه لا يؤكل. وقال ابن رشد: إن كان فهم أن الماء تغير لونه أو طعمه أو ريحه فلا إشكال في أنه كالميتة لا يحل منه إلا ما يحل من الميتة. وذكر البرزلي رحمه الله تعالى عن الشافعية في ذلك وجهين، ثم صار بعد ذلك يقول وقد تقدم الخلاف في ذلك يشير إلى الخلاف المذكور عن الشافعية. وأما المالكية فلم ينقل عنهم خلافا في ذلك ولم أره تعالى عن غيره والله تعالى أعلم. وقال الوانوغي قال النووي عن البغوي وغيره: لو أكلت دابة حبا وألقته صحيحا فإن كانت صلابته باقية بحيث لو زرع لنبت فهو طاهر العين فيجب غسله، وإن كان لا ينبت فهو نجس العين. قال المشذالي: ولا إشكال على المذهب في نجاسته إن كانت محرمة الاكل مطلقا ولو كان صحيحا انتهى. وأما إذا بل الحب ونحوه ولم يتشرب بالنجاسة فالظاهر أنه يطهر بغسله، وقد قال المشذالي: سألت ابن عرفة عمن جعل دباء أو بقلا في ماء ثم وجد في الماء فأرة قال: يغسله ويأكله انتهى. ومراده إذا أخرجه بسرعة فإنه ذكره عند قوله في المدونة وإن وقع في الماء جلد أو ثوب فأخر مكانه. وقال الشيخ أبو محمد رحمه الله تعالى في المسألة المذكورة. إن القمح إذا أصاب ظاهره الدم فإنه يغسل ويؤكل وليس هو كالقمح إذا تشرب بالماء النجس والله تعالى أعلم.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست