إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١٩٠
ويحصل التعزير بحبس (قوله: حتى عن الجمعة) أي حتى يحبسه عن حضور الجمعة (قوله: أو توبيخ بكلام) أي ويحصل التعزير بتوبيخ: أي تهديد بكلام، لأنه يفيد الرد والزجر عن الجريمة (قوله: أو تغريب) أي ويحصل التعزير بتغريب عن بلده إلى مسافة القصر: إذ هو إلى ما دونها ليس بتعزير كما مر في الزنا (قوله: أو إقامة من مجلس) أي ويحصل التعزير بإقامته من المجلس (قوله: ونحوها) أي ويحصل التعزير بنحو المذكورات، ككشف رأس، وتسويد وجه، وحلق رأس لمن يكرهه، وإركابه حمارا منكوسا، والدوران به كذلك بين الناس (قوله: مما يراها) بيان لنحوها:
أي من كل عقوبة يراها الخ (وقوله: المعزر) أي الامام أو نائبه. وقوله جنسا وقدرا: منصوبان على التمييز أي من جهة جنسها وقدرها بحسب ما يراد تأديبا.
والحاصل: أمر التعزير مفوض إليه لانتفاء تقديره شرعا، فيجتهد فيه جنسا، وقدرا، وانفرادا، واجتماعا، فله أن يجمع بين الأمور المتقدمة، وله أن يقتصر على بعضها، بل له تركه رأسا بالنسبة لحق الله تعالى، لاعراضه (ص) عن جماعة إستحقوه، كالغال في الغنيمة: أي الخائن فيها، وكلاوي شدقه في حكمه (ص) للزبير رضي الله عنه. ولا يجوز ترك التعزير إن كان لآدمي، وتجوز الشفاعة فيه، وفي غيره من كل ما ليس بحد، بل تستحب لقوله تعالى: * (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها) * ولخبر الصحيحين، عن أبي موسى أن النبي (ص) كان إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه وقال: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء.
(قوله: لا بحلق لحية) معطوف على بضرب: أي لا يحصل التعزير بحلق لحية، وصريحه عدم الاجزاء به. قال سم على المنهج: وليس كذلك، بل يجزئ وإن كان لا يجوز، ونص عبارته: صريح هذا الكلام أن حلق اللحية لا يجزئ في التعذير لو فعله الامام، وليس كذلك فيما يظهر، والذي رأيته في كلام غيره، أن التعزير لا يجوز بحلق اللحية، وذلك لا يقتضي عدم الاجزاء، ولعله مراد الشارح. اه‍. (قوله: وظاهره) أي ظاهر منع التعزير بحلق اللحية حرمة حلقها لأجله (قوله: وهو) أي المنع من التعزير بالحلق المقتضي للتحريم، إنما يتأتى على القول بحرمة الحلق مطلقا. (وقوله: أما على كراهته الخ) أي أما إن جرينا على القول بكراهة الحلق، فلا وجه لمنع التعزير به. وقال في النهاية لا يعزر بحلق لحية، وإن قلنا بكراهته وهو الأصح. اه‍ (وقوله: إذا رآه الامام) أي رأى التعزير بحلق اللحية زاجرا له عن الجريمة، قال في التحفة بعده:
فإن قلت: فيه تمثيل وقد نهينا عن المثلة.
قلت: ممنوع لامكان ملازمته لبيته حتى تعود، فغايته أنه كحبس دون سنة. اه‍.
(قوله: ويجب أن ينقص التعزير الخ) أي لخبر من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين رواه البيهقي.
(وقوله: عن أربعين ضربة) هذا إذا كان التعزير بالضرب، فإن كان بالحبس أو بالتغريب، فيجب أن ينقص عن سنة في الحر، وفي غيره يجب أن ينقص عن نصف سنة. (قوله: وعزر أب) أي بضرب وغيره وهذا ما بعده كالاستثناء من قوله ويعزر أي الامام أو نائبه لمعصية الخ. وصرح في المغني بالاستثناء المذكور وعبارته: وقضية كلامه أنه لا يستوفيه: أي التعزير إلا الامام، واستثنى منه مسائل: الأولى: للأب والام ضرب الصغير والمجنون زجرا لهما عن سئ الأخلاق،

(1) سورة النساء، الآية: 85.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست