إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١٨٧
(قوله: عزرهم) أي الامام، وهو جواب لو، (وقوله: وجوبا) أي تعزيرا واجبا عليه (قوله: بحبس) متعلق بعزر، (وقوله: وغيره) أي غير الحبس بما يراه الامام من ضرب وغيره لارتكابهم معصية لا حد فيها ولا كفارة وللامام ترك ذلك إذا رآه مصلحة، وإنما وجب التعزير لأجل ردعهم عن هذه الورطة العظيمة (قوله: وإن أخذ القاطع المال) أي نصاب السرقة، ولا بد أن يكون من حرز مثله ولا شبهة له فيه وإلا فلا قطع كما مر في السرقة، (وقوله ولم يقتل) خرج به ما إذا قتل وسيذكر حكمه (قوله: قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى) أي وجوبا فلو قطع الامام مع اليد اليمنى الرجل اليمنى ضمن الرجل بالقود إن كان عامدا، وإلا فبالدية، ولا تجزئ عن قطع اليسرى لمخالفة قوله تعالي: * (من خلاف) * (قوله: فإن عاد) أي لقطع الطريق وأخذ المال ولم يقتل أيضا، (وقوله: فرجله اليمنى) أي فتقطع رجله اليمنى ويده اليسرى (قوله: وإن قتل) أي عمدا عدوانا ولم يأخذ نصابا قتله الامام حتما، فلو قتل خطأ أو شبه عمد أو لا عدوانا بأن قتل مرتدا أو زانيا محصنا أو تاركا للصلاة بعد أمر الامام أو من يستحق عليه القصاص فلا يقتل (قوله: وإن عفا الخ) غاية في قتله (قوله: وإن قتل) أي عمدا عدوانا كما مر (قوله: وأخذ نصابا) أي نصاب السرقة وهو ربع دينار كما مر. (وقوله:
قتل أي قتله الامام أو نائبه) أي يأمر بذلك. (وقوله: ثم صلب) أي على خشبة أو نحوها. (وقوله: بعد غسله الخ) أي إن كان مسلما. (وقوله: ثلاثة أيام) أي صلب ثلاثة أيام، ومحله إن لم يتفجر قبلها، فإن تفجر أنزل. وإنما صلب بعد القتل زيادة في التنكيل وزجرا لغيره ولذلك لا يقام عليه الحد إلا في مكان يشاهده فيه من ينزجر به، وإنما كان ثلاثة أيام ليشتهر الحال ويتم النكال ولان لها في الشرع اعتبارا في مواضع كثيرة ولا غاية لما زاد عليها، فلذلك لم يعتبر في الشرع غالبا (قوله: ثم ينزل) أي ثم بعد صلبه ثلاثة أيام على نحو خشبة مثلا ينزل ويدفن (قوله: وقيل يبقى وجوبا حتى يتهرى) أي ولو زاد على ثلاثة أيام (قوله: وفي قول يصلب حيا) أي لأنه عقوبة فيفعل به حيا. وقوله قليلا: قال في التحفة: الذي يظهر أن المراد به أدنى زمن ينزجر به عرفا غيره. اه‍.
واعلم: أن محل قتله وصلبه هو محل محاربته إلا أن لا يمر به من ينزجر به فأقرب محل إليه.
خاتمة: نسأل الله حسن الختام تسقط عقوبات تخص القاطع من تحتم قتل وصلب وقطع رجل، وكذا يد بتوبته عن قطع الطريق قبل القدرة عليه لقوله تعالى: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) * بخلاف ما لا تخصه، كالقود وضمان المال، فلا يسقط عنه بها أما توبته بعد القدرة عليه فلا يسقط بها شئ من ذلك وإن صلح عمله لمفهوم الآية، والفرق أن التوبة قبل القدرة لا تهمة فيها وبعدها فيها تهمة دفع الحد، ولا تسقط سائر الحدود المختصة بالله تعالى كحد زنا وسرقة وشرب خمر بالتوبة لأنه (ص) حد من ظهرت توبته، وقيل تسقط بها قياسا على حد قاطع الطريق. نعم: تارك الصلاة يسقط حده بها مطلقا، وهذا الخلاف بحسب الظاهر، أما فيما بينه وبين الله فحيث صحت توبته سقط بها سائر الحدود قطعا، ومن حد لم يعاقب في الآخر على ذلك لحديث: أيما عبد أصاب شيئا مما نهى الله عنه، ثم أقيم عليه حده كفر الله عنه ذلك الذنب نعم: يعاقب على الاصرار عليه إن لم يتب. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1) سورة المائدة، الآية: 34.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست