إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٦٧
وتحصل الجمعة أيضا بإدراك ركعة أولى معه، وإن فارقه بعدها، لما مر أن الجماعة لا تجب إلا في الركعة الأولى، وبإدراك ركعة معه، وإن لم تكن أولى الامام ولا ثانيته، بأن قام لزائده، ولو عامدا. اه‍. (قوله: إن صحت جمعة الامام) أي بأن كان متطهرا. وخرج به ما إذا لم تصح بأن محدثا أو ذا خبث، فلا تتم له جمعته. (قوله: وكذا من اقتدى به) أي وكذلك تتم جمعة من اقتدى بالمسبوق بعد انقطاع قدوته في ركوع ركعته الثانية إن صحت جمعته. وفي التحفة ما نصه:
لو أراد آخر أن يقتدي به في ركعته الثانية ليدرك الجمعة جاز. كما في البيان عن أبي حامد، وجرى عليه الريمي وابن كبن وغيرهما. قال بعضهم: وعليه، لو أحرم خلف الثاني عند قيامه لثانيته آخر وخلف الثالث آخر وهكذا، حصلت الجمعة للكل، ونازع بعضهم أولئك بأن الذي اقتضاه كلام الشيخين وصرح به غيرهما أنه لا يجوز الاقتداء بالمسبوق المذكور.
اه‍. وفيه نظر. وليس هنا فوات العدد في الثانية، وإلا لم تصح للمسبوق نفسه، بل العدد موجود حكما، لان صلاته كمن اقتدى به، وهكذا تابعة للأولى. اه‍. وفي الكردي: وخالف الجمال الرملي فأفتى بانقلابها ظهرا. قال القليوبي: إن كانوا جاهلين، وإلا لم ينعقد إحرامهم من أصله. وهو الوجه الوجيه. قال: بل أوجه منه عدم انعقاد إحرامهم مطلقا.
فتأمله. اه‍. (قوله: وتجب على من جاء إلخ) أي إن كان ممن تجب عليه الجمعة، وإلا بأن كان مسافرا أو عبدا أو نحوهما ممن لا تلزمه الجمعة، فينوي ذلك استحبابا. وعليه يحمل كلام الروض والأنوار، حيث عبر الأول بالاستحباب، والثاني بالوجوب. شويري. بجيرمي. وإنما وجبت نية الجمعة موافقة للامام، ولان اليأس منها لا يحصل إلا بالسلام، إذ قد يتذكر الامام ترك ركن فيتداركه بالاتيان بركعة فيدرك المسبوق الجمعة. وبذلك يلغز ويقال: نوى ولا صلى، وصلى ولا نوى. وجوابه ما ذكر، فإنه نوى الجمعة ولم يصلها، وصلى ظهرا ولم ينوها. (قوله: وإن كانت إلخ) الواو للحال، وإن زائدة، أي والحال أن الظهر هي التي تلزمه. ولا يصح جعل ذلك غاية، إذ لا معنى لها.
ولو صلاها ظهرا، ثم أدرك جماعة يصلون الجمعة لزمه أن يصليها معهم. كما في النهاية. (قوله: وقيل تجوز نية الظهر) هذا مقابل الأصح. (قوله: وأفتى به) أي بجواز نية الظهر. (قوله: وأطال) أي البلقيني. (وقوله: الكلام فيه) أي في الاستدلال على الجواز. قال في النهاية: ومحل الخلاف فيمن علم حال الامام. وإلا بأن رآه قائما ولم يعلم هل هو معتدل أو في القيام؟ فينوي الجمعة جزما. (قوله: وثانيها) أي ثاني شروط صحة الجمعة. (قوله: وقوعها بأربعين) أي لخبر ابن مسعود رضي الله عنه: أنه (ص) جمع بالمدينة وكانوا أربعين رجلا. ولقوله (ص): إذا اجتمع أربعون فعليهم الجمعة.
وقوله (ص): لا جمعة إلا في أربعين. وحكمة هذا العدد أنه مقدار زمن بعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأنه مقدار زمن ميقات موسى عليه السلام، وأنه - كما قيل - مقدار عدد لم يجتمع مثله إلا وفيهم ولي الله تعالى.
واشتراط وقوعها بهذا العدد قول من أربعة عشر قولا في العدد الذي تنعقد به الجمعة. ثانيها: أنها تصح من الواحد، رواه ابن حزم: ثالثها: اثنان كالجماعة، وهو قول النخعي، وأهل الظاهر. رابعها: ثلاثة مع الامام، عند أبي حنيفة، وسفيان الثوري - رضي الله عنهما -. خامسها: اثنان مع الامام عند أبي يوسف، ومحمد، والليث. سادسها:
سبعة عند عكرمة. سابعها: ستة عند ربيعة. ثامنها: اثنا عشر عند ربيعة أيضا في رواية، ومالك رضي الله عنه.
تاسعها: مثله غير الامام عند إسحاق، عاشرها: عشرون في رواية ابن حبيب عن مالك. حادي عشرها: ثلاثون كذلك.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست