إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ١٢٩
وثلث المسح وفرج أصلي وهكذا نظافة المحل وذكر الشارح رحمه الله تعالى منها خمسة وهي: تثليث المسح، وتعميم المحل في كل مرة، وتنقيته، وأن يكون المستنجى به جامدا، وأن يكون قالعا. فتنبه. (قوله: تعم المحل في كل مرة) أي ليصدق ويتحقق تثليث المسح. واعلم أن كيفيته الكاملة أن يبدأ بالأول من مقدم الصفحة اليمنى ويديره قليلا قليلا إلى أن يصل إلى الذي بدأ منه. ثم بالثاني من مقدم الصفحة اليسرى كذلك. ثم يمر الثالث على الصفحتين والمسربة معا. وكيفية في الذكر - كما قاله الشيخان - أن يمسحه على ثلاثة مواضع من الحجر. والأولى للمستنجي بالماء أن يقدم القبل، وبالحجر أن يقدم الدبر لأنه أسرع جفافا. (قوله: مع تنقية) أي للمحل، والانقاء أن يزيل العين حتى لا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء أو صغار الخزف، فإن لم ينقه بالثلاث وجب إنقاء بالزيادة عليها إلى أن لا يبقى إلا ما مر. (قوله: بجامد) متعلق بمحذوف، صفة لمسحات.
أي مسحات كائنات بجامد. وخرج به الرطب، ومنه المائع فلا يجزئ الاستنجاء به. وقوله: قالع أي لعين النجاسة.
قال في النهاية ولو كان حريرا للرجال. كما قال ابن العماد بإباحته لهم كالضبة الجائزة، وليس من باب اللبس حتى يختلف الحكم بين الرجال والنساء. وتفصيل المهمات بين الذكور وغيرهم مردود بأن الاستنجاء به لا يعد استعمالا في العرف وإلا لما جاز بالذهب والفضة. اه‍. (قوله: ويندب لداخل الخلاء) أي ولو لحاجة أخرى غير قضاء الحاجة، كوضع متاع فيه أو أخذه منه. والخلاء بالمد المكان الخالي نقل إلى البناء المعد لقضاء الحاجة. قال الترمذي: سمي باسم شيطان فيه يقال له خلاء، وأورد فيه حديثا. وقيل: لأنه يتخلى فيه، أي يتبرز. وجمعه أخلية، كرداء وأردية.
ويسمى أيضا المرفق والكنيف والمرحاض، وهو ليس بقيد بل المدار على الوصول لمحل قضاء الحاجة ولو بصحراء.
ودناءة الموضع فيها قبل قضاء الحاجة تحصل بمجرد قصد قضائها فيه، كالخلاء الجديد قبل أن يقضي فيه أحد. قال في التحفة: وفيما له دهليز طويل يقدمها عند بابه ووصوله لمحل جلوسه. اه‍. وقوله: أن يقدم يساره أي أو بدلها، وذلك لما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن من بدأ برجله اليمنى قبل يساره إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر.
(قوله: ويمينه لانصرافه) أي ويندب لمن دخل الخلاء وأراد الانصراف منه أن يقدم يمينه عند انصرافه. (قوله: بعكس المسجد) خبر لمبتدأ محذوف، أي وهذا ملتبس بعكس المسجد، أي فيقدم يمينه عند دخوله ويساره عند خروجه، وذلك لان كل ما كان من باب التكريم يبدأ فيه باليمين وخلافه باليسار، لمناسبة اليسار للمستقذر واليمين لغيره.
والأوجه فيما لا تكرمة فيه ولا استقذار كالبيوت أنه يكون كالمسجد. وفي النهاية. ولو خرج من مستقذر لمستقذر أو من مسجد لمسجد فالعبرة بما بدأ به في الأوجه. اه‍. أي ففي الصورة الأولى يقدم اليمنى عند الخروج لأنه بدأ باليسار، وفي الثانية يقدم اليسرى عنده لأنه بدأ باليمنى. وصرح في التحفة في الصورة الثانية بأنه يتخير، أي بين تقديم اليمنى أو اليسرى. وصرح فيها أيضا بأن الأوجه في شريف وأشرف كالكعبة وبقية المسجد مراعاة الأشرف، أي فيقدم اليمنى عند دخوله الكعبة وعند خروجه منها إلى المسجد يقدم اليسرى. وصرح في النهاية بأن الأوجه مراعاتهما معا، فيقدم يمينه دخولا وخروجا.
(قوله: وينحي إلخ) أي ويندب له أن ينحي - أي يزيل منه - الشئ الذي كتب عليه معظم. وذلك لما صح: أنه (ص) كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، وكان نقشه محمد رسول الله، محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر. وفي المغني ما نصه: وهذا الأدب مستحب. قال ابن الصلاح: وليتهم قالوا بوجوبه. قال الأذرعي: والمتجه تحريم إدخال المصحف ونحوه الخلاء من غير ضرورة، إجلالا له وتكريما. اه‍. قال الأسنوي: وكلام محاسن الشريعة تحريم بقاء الخاتم الذي عليه ذكر الله في اليسار حال الاستنجاء وهو ظاهر إذا أفضى ذلك إلى تنجسه. اه‍ ملخصا. وينبغي حمل كلام الأذرعي على ما إذا خيف عليه التنجيس. اه‍. (قوله: من قرآن إلخ) بيان للمعظم. وقوله: ولو مشتركا أي ولو كان اللفظ الدال على المعظم مشتركا، أي يطلق على غيره بطريق الاشتراك، كالعزيز فهو يطلق على الله تعالى وعلى من ولي
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست