مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٦٣
لأنه لم يعتقه عن الباذل ولا هو استدعاه لنفسه. ولما ذكر العتق عن الكفارة بعوض بين حكم ذلك في غير الكفارة استطرادا، فقال: (والاعتاق بمال كطلاق به) فيكون من المالك به معاوضة فيها شوب تعليق، ومن المستدعي معاوضة فيها شوب جعالة كما مر في الخلع، والجواب عن الاستدعاء على الفور، فلو تأخر عتق عن المالك.
تنبيه: قد عقد في المحرر لهذا فصلا وقال: إنه دخيل في الباب، ولهذا قلت تبعا للشارح، ذكره المصنف استطرادا. (فلو قال) شخص لسيد مستولدة: (أعتق أم ولدك على ألف) مثلا، (فأعتق) فورا، (نفذ) إعتاقه (ولزمه) أي الملتمس (العوض) المذكور لاستلزامه إياه، ويكون ذلك افتداء من المستدعي نازلا منزلة اختلاع الأجنبي.
تنبيه: أشار بقوله: فأعتق إلى أن عتقها متصل، فإن أعتقها بعد فصل طويل وقع العتق عن المالك ولا شئ على المستدعي، وكذا لو قال: أعتق مستولدتك عني على ألف فقال: أعتقتها عنك فإنها تعتق عن المالك ويلغو قوله: عنك، لأن المستولدة لا تقبل النقل، بخلاف ما لو قال: طلق زوجتك عني على كذا فطلق حيث يلزمه العوض، لأنه لا يتخيل في الطلاق انتقال شئ إليه بخلاف المستولدة فقد يتخيل جواز انتقالها إليه. (وكذا لو قال) شخص لسيد عبد: (أعتق عبدك على كذا) كألف ولم يقل عنك ولا عني بل أطلق، (فأعتق) فورا نفذ قطعا ولزمه العوض (في الأصح) لالتزامه إياه فيكون افتداء كأم الولد. والثاني: لا يستحق، إذ لا افتداء في ذلك لامكان نقل الملك في العبد بخلاف أم الولد.
تنبيه: أشعر قوله: على كذا أنه لا يشترط كون العوض مالا، فلو قال: على خمر أو على مغصوب مثلا نفذ ولزم قيمة العبد في الأصح. ولو ظهر بالعبد عيب بعد عتقه لم يبطل عتقه بل يرجع المستدعي العتق بأرش العيب، ثم إن كان عيبا يمنع الاجزاء في الكفارة لم تسقط به. (وإن قال: أعتقه عني على كذا) كألف أو زق خمر، (ففعل) فورا ولم يكن ممن يعتق على الطالب، (عتق عن الطالب) لأنه إذا عتق عن الغير بغير رضا المالك في السراية فلان يقع عنه برضا المالك وإعتاقه من باب أولى.
تنبيه: شمل كلامه ما إذا كان على الطالب كفارة ونواها فإنه يجزئه كما نص عليه الشافعي. (وعليه العوض) المسمى إن كان مالا عملا بالتزامه وقيمة العبد إن كان غير مال كالخلع كما جزم به الرافعي ومرت الإشارة إليه. فإن قال:
مجانا فلا شئ عليه، وإن لم يشرط عوضا ولا نفاه بأن قال: أعتقه عن كفارتي وسكت عن العوض لزمه قيمة العبد كما لو قال له: اقض ديني، وإن قال: أعتقه عني ولا عتق عليه فالذي يقتضيه نص الشافعي في الام وإيراد الجمهور هنا أنه لا يلزمه قيمة العبد وأن ذلك هبة مقبوضة.
تنبيه: أشار المصنف بالفاء في قوله: ففعل إلى اشتراط اتصال الجواب، فإن طال الفصل عتق عن المالك ولا شئ على الطالب، فإن كان الطالب ممن يعتق عليه العبد لم يعتق عليه لأنه لو كان أجنبيا لملكناه إياه وجعلنا المسؤول نائبا في الاعتاق، والملك في مسألتنا يوجب العتق والتوكيل بعده بالاعتاق لا يصح ويصير دورا، قاله القاضي الحسين في فتاويه.
(والأصح أنه) أي الطالب، (يملكه) أي المطلوب إعتاقه، (عقب لفظ الاعتاق) الواقع بعد الاستدعاء لأنه المالك للملك.
(ثم يعتق عليه) لتأخر العتق عن الملك فيقعان في زمنين لطيفين متصلين. وهذا بناء على أن الشرط يترتب على المشروط. والثاني: يحصل الملك والعتق معا بعد تمام اللفظ، بناء على أن الشرط مع المشروط يقعان معا، وصححه في الروضة في التعليق بالتعليق. ولو قال: إذا جاء الغد فأعتق عبدك عني بألف فأعتقه عنه صح ولزم المسمى لتضمن ذلك البيع لتوقف العتق على الملك، فكأنه قال: بعنيه وأعتقه عني وقد أجابه. وإن أعتقه عنه مجانا أو بغير الألف وقع عن المعتق دون المستدعي.
تنبيه: العتق ينفذ بالعوض وإن كان الرقيق مستأجرا أو مغصوبا لا يقدر على انتزاعه، لأن البيع في
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460