بيت المال، فلم يكن فيه ما يمكن صرفه إليه، اقترض الامام على بيت المال إلى أن يجد سعة، قال الروياني: أو يستأجر بأجرة مؤجلة، أو يسخر من يقوم به على ما يراه، والاستئجار قريب والتسخير بعيد، وبتقدير جوازه يجوز أن يأخذ الأجرة ممن يراه من الأغنياء ويستأجر بها، ولو قال الجاني: أنا أقتص من نفسي، ولا أؤدي الأجرة، فهل يقبل منه؟ وجهان، قال الداركي: نعم، وأصحهما: لا، فعلى هذا لو قتل نفسه، أو قطع طرفه بإذن المستحق، ففي الاعتداد به عن القصاص وجهان، أحدهما: لا، كما لو جلد نفسه في الزنى بإذن الإمام، وفي القذف بإذن المقذوف، لا يسقط الحد عنه، وكما لو قبض المبيع من نفسه بإذن المشتري، لا يعتد به، والثاني: نعم، لحصول الزهوق، وإزالة الطرف، بخلاف الجلد فإنه قد لا يؤلم نفسه، ويوهم الايلام، فلا يتحقق حصول المقصود، وفي البيع المقصود إزالة يد البائع، ولم تزل، قال البغوي: ولو قطع السارق يد نفسه بإذن الإمام اعتد به عن الحد، وهل يمكنه إذا قال: أقطع بنفسي؟ وجهان، أقربهما: نعم، لأن الغرض التنكيل، ويحصل بذلك.
الطرف الثاني: في وقت الاقتصاص لمستحق القصاص استيفاؤه على الفور إذا أمكن، فلو التجأ الجاني إلى الحرم، جاز استيفاؤه منه في الحرم، سواء فيه قصاص النفس والطرف، ولو التجأ إلى المسجد الحرام، قال الامام: أو غيره من المساجد، أخرج منه وقتل، لأن هذا تأخير يسير، وفيه صيانة للمسجد، وفيه وجه ضعيف أنه تبسط الأنطاع، ويقتل في المسجد تعجيلا لتوفية الحق وإقامة الهيبة.