وان رمى فعارضه عارض فعثر به السهم وجاوز الغرض ولم يصب ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق انه يحسب عليه في الخطأ، لأنه أخطأ بسوء الرمي لا للعارض، لأنه لو كان للعارض تأثير لوقع سهمه دون الغرض فلما جاوزه ولم يصب دل على أنه أخطأ بسوء رميه فحسب عليه في الخطأ.
(والثاني) انه لا يحسب عليه لان العارض قد يشوش الرمي فيقصر عن الغرض وقد يجاوزه. وان رمى السهم فأصاب الأرض وازدلف فأصاب الغرض ففيه قولان (أحدهما) يحسب لأنه أصاب الغرض بالنزعة التي أرسلها وما عرض دونها من الأرض لا يمنع الاحتساب كما لو عرض دونه شئ فهتكه وأصاب الغرض (والثاني) لا يحسب له، لان السهم خرج عن الرمي إلى غير الغرض وإنما اعانته الأرض حتى ازدلف عنها إلى الغرض فلم يحسب له، وان ازدلف ولم يصب الغرض ففيه وجهان (أحدهما) يحسب عليه في الخطأ لأنه إنما ازدلف بسوء رميه لان الحاذق لا يزدلف سهمه (والثاني) لا يحسب عليه لان الأرض تشوش السهم وتزيله عن سننه فإذا أخطأ لم يكن من سوء رميه (الشرح) قال الشافعي رضي الله عنه: ولو أغرق أحدهما السهم من يده ولم يبلغ الغرض كان له أن يعود من قبل العارض فأما إغراق السهم فهو أن يزيد في مد القوس لفضل قوته حي يستغرق السهم فيخرج من جانب الوتر المعهود إلى جانب الاخر، فان من أجناس القسي والسهام ما يكون مخرج السهم منها عن يمين الرامي جاريا على ابهامه فيكون اغراقه أن يخرج السهم باستيفاء المد إلى يساره جاريا على سبابته، فيكون اغراقه ان يخرج السهم باستيفاء المد إلى يساره جاريا على سبابته، ومنها ما يكون مخرجه على يسار الرامي جاريا على سبابته فيكون اغراقه أن يخرج على يمينه جاريا على ابهامه، فإذا أغرق السهم قال الشافعي: لم يكن اغراقه من سوء الرمي وإنما هو لعارض فلا يحتسب عليه ان أخطأ به، وفيه عندي نظر، لأنه إذا لم يمد القوس بحسب الحاجة حتى زاد فيه فأغرق أو نقص فقصر كان بسوء الرمي أشبه، فإذا أخطأ بالسهم المغرق لم يحتسب عليه على مذهب الشافعي، وان أصاب به احتسب له لان الإصابة به مع المحلل أدل على حذق الرامي من الإصابة مع الاستقامة