فلليلة الماضية أو بعده فللمستقبلة سواء أول الشهر وآخره وقال إن كان في أول الشهر ورأوه فللماضية وبعده للمستقبلة وإن رأوه في آخر رمضان بعد الزوال فللمستقبلة وقبله فيه روايتان عنه (أحدهما) للماضية (والثانية) للمستقبلة * واحتج لمن فرق بين ما قبل الزوال وبعده بما رواه البيهقي باسناده عن إبراهيم النخعي قال " كتب عمر رضي الله عنه إلى عتبة بن فرقد إذا رأيتم الهلال نهارا قبل أن تزول الشمس لتمام ثلاثين فأفطروا وإذا رأيتموه بعد ما تزول الشمس فلا تفطروا حتى تصوموا " واحتج أصحابنا بما ذكره المصنف عن شقيق بن سلمة عن عمر رضي الله عنه وبما رواه البيهقي باسناده الصحيح عن سالم بن عبد الله ابن عمر " ان ناسا رأوا هلال الفطر نهارا فأتم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما صيامه إلى الليل وقال لا حتى يرى من حيث يروه بالليل " وفى رواية قال ابن عمر " لا يصلح أن يفطروا حتى يروه ليلا من حيث يرى " وروينا في ذلك عن عثمان ابن عفان وعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما (وأما) ما احتجوا به من رواية إبراهيم النخعي فلا حجة فيه فإنه منقطع لان إبراهيم لم يدرك عمر ولا قارب زمانه والله أعلم (المسألة الثالثة) إذا رأوا الهلال في رمضان في بلد ولم يروه في غيره فان تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد ويلزم أهل البلد الآخر الصوم بلا خلاف وان تباعدا فوجهان مشهوران في الطريقتين (أصحهما) لا يجب الصوم على أهل البلد الأخرى وبهذا قطع المصنف والشيخ أبو حامد والبندنيجي وآخرون وصححه العبدري والرافعي والأكثرون (والثاني) يجب وبه قال الصيمري وصححه القاضي أبو الطيب والدارمي وأبو علي السنجي وغيرهم وأجاب هؤلاء عن حديث كريب عن ابن عباس انه لم يثبت عنده رؤية الهلال في بلد آخر بشهادة عدلين والصحيح الأول وفيما يعتبر به البعد والقرب ثلاثة أوجه (أصحها) وبه قطع جمهور العراقيين والصيدلاني وغيرهم أن التباعد يختلف باختلاف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان والتقارب ان لا يختلف كبغداد والكوفة والري وقزوين لان مطلع هؤلاء مطلع هؤلاء فإذ رآه هؤلاء فعدم رؤيته للآخرين لتقصيرهم في التأمل أو لعارض بخلاف مختلفي المطلع (والثاني) الاعتبار باتحاد الإقليم واختلافه فان اتحد فمتقاربان والا فمتباعدان وبهذا قال الصيمري وآخرون (والثالث) ان التباعد مسافة القصر والتقارب دونها وبهذا قال الفوراني وإمام الحرمين والغزالي والبغوي وآخرون من الخراسانيين وادعي إمام الحرمين الاتفاق عليه لان اعتبار المطالع يحوج إلى حساب وتحكيم المنجمين وقواعد الشرع تأبى ذلك فوجب اعتبار مسافة القصر التي علق الشرع بها كثيرا من الأحكام وهذا ضعيف لان امر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر فالصحيح اعتبار المطالع كما سبق فعلى هذا لو شك في اتفاق المطالع لم يلزم الذين لم يروا الصوم لان الأصل عدم الوجوب ولأن الصوم إنما يجب بالرؤية للحديث ولم تثبت الرؤية في حق هؤلاء
(٢٧٣)