(والطريق الثاني) طريقة ابن أبي هريرة لا زكاة فيه قولا واحدا كالمال الغائب الذي يسهل احضاره فان قلنا بوجوب الزكاة فهل يجب اخراجها في الحال فيه وجهان حكاهما امام الحرمين وآخرون (أصحهما) لا يجب وبه قطع الجمهور كالمغصوب قال امام الحرمين ولان الخمسة نقدا تساوى ستة مؤجلة ويستحيل أن يسلم أربعة نقدا نساوي خمسه مؤجلة فوجب تأخير الاخراج إلى القبض قال ولا شك أنه لو أراد أن يبرئ فقيرا عن دين له عليه ليوقعه عن الزكاة لم يقع عنها لان شرط أداء الزكاة أن يتضمن تمليكا محققا والله تعالى أعلم * وأما المال الغائب فإن لم يكن مقدورا عليه لانقطاع الطريق أو انقطاع خبره فهو كالمغصوب هكذا قاله المصنف والجمهور وقيل تجب الزكاة قطعا لان تصرفه فيه نافذ بخلاف المغصوب ولا خلاف أنه لا يجب الاخراج عنه قبل عوده وقبضه وإن كان مقدورا على قبضه وجبت الزكاة منه بلا خلاف ووجب اخراجها في الحال بلا خلاف ويخرجها في بلد المال فان أخرجها في غيره ففيه خلاف نقل الزكاة * هذا إذا كان المال مستقرا فإن كان سائرا غير مستقر لم تجب اخراج زكاته قبل أن يصل إليه فإذا وصل أخرج عن الماضي بلا خلاف هذا هو الصواب في مسألة الغائب وما وجدته خلافه في بعض الكتب فنزله عليه ومما يظن مخالفا قول المصنف (فإن كان مقدورا على قبضه وجبت فيه الزكاة الا أنه لا يلزمه اخراجها حتى يرجع إليه) وهكذا قاله ابن الصباغ وكلامهما محمول على ما ذكرنا إذا كان سائرا غير مستقر هكذا صرح به أبو المكارم في العدة وغيره وجزم الشيخ أبو حامد بأنه يخرجها في الحال وهو محمول على ما إذا كان المال مستقرا في بلد والله تعالى أعلم (قال) أصحابنا كل دين وجب اخراج زكاته قبل قبضه وجب ضمه إلى ما معه من جنسه لاكمال النصاب ويلزمه اخراج زكاتهما في الحال وكل دين لا يجب اخراج زكاته قبل قبضه ويجب بعد قبضه فإن كان معه من جنسه مالا يبلغ وحده نصابا ويبلغ بالدين نصابا فوجهان مشهوران (أحدهما) وبه قطع صاحب البيان لا يلزمه زكاة ما معه في الحال فإذا قبض الدين لزمه زكاتهما عن الماضي شرط في الوجوب أو في الضمان ان قلنا اخراج قسط ما معه قالوا وهما مبنيان على أن التمكن شرط في الوجوب أو في الضمان ان قلنا بالأول لا يلزمه لاحتمال ان لا يحصل الدين وان قلنا بالثاني لزمه والله تعالى أعلم * وكل دين لا زكاة فيه في الحال ولا بعد عوده عن الماضي بل يستأنف له الحول إذا قبض فهذا لا يتم به نصاب ما معه وإذا قبضه لا يزكيهما عن الماضي بلا خلاف بل يستأنف لهما الحول والله تعالى اعلم * أما إذا كان له مائة درهم حاضرة ومائة غائبة فإن كانت الغائبة مقدورا عليها لزمه زكاة الحاضرة في الحال في موضعها والغائبة في موضعها وإن لم يكن مقدورا عليه فان قلنا لا زكاة فيه إذا عاد فلا زكاة في الحاضر لنقصه عن النصاب وان قلنا تجب زكاته فهل يلزمه زكاة الحاضر في الحال فيه الوجهان
(٢٢)