رسالة في ثبوت الهلال - السيد محمد علي الأبطحي - الصفحة ٤٥
المطلقة وتساقطهما ثم الرجوع إلى عمومات حجية البينة في الموضوعات على الاطلاق، إذ لا تعارض بين المطلق والمقيد من أخبار الباب بعد كون الجمع العرفي رافعا للتعارض البدوي المتوهم بينهما، كما حقق في الأصول.
تنبيهات:
الأول: أخبار البينة باعتبار قبول الشهادة: مطلقة ومقيدة، وباعتبار البلد: داخلية وخارجية. وإنما يعتمد على البينة الخارجية فيما إذا كان في سماء البلد علة بحيث لم يتيسر لأهلها الرؤية. وأما البينة الداخلية وهي شهادة عدلين من داخل البلد فلا يمكن الاكتفاء بها إذا كانت السماء مصحية. فإن قيام فردين أو أكثر كما قلنا مع عدم تصديق باقي المستهلين يوجب الريب في شهادتهم. وعلى طبق ما يستفاد من هذه الأخبار أفتى غير واحد من أعيان الطائفة وأساطين الفقه، كالشيخ الطوسي، فقد قال في التهذيب - بعد أن أجرى شهادة الشاهدين من خارج البلد مجرى خبر التطويق -: إنما تعتبر شهادتهما إذا كان هناك علة، ومتى لم يكن هناك علة فلا يجوز اعتبار ذلك على وجه من الوجوه، بل يحتاج إلى شهادة خمسين نفسا (1).

(١) التهذيب ٤: ١٧٩، وجاء نحو ذلك في الإستبصار ٣: ٧٤.
وقال في النهاية ١٥٠: وعلامة الشهور رؤية الهلال مع عدم العوارض والموانع، فمتى رأيت الهلال في استقبال شهر رمضان فصمه بنية الفرض من الغد، فإن لم ترد لتركك الترائي له ورؤي في البلد رؤية شائعة وجب عليك أيضا الصوم، فإن كان في السماء علة ولم ير في البلد الهلال أصلا ورآه خارج البلد شاهدان عدلان وجب الصوم أيضا، وإن لم يكن هناك علة وطلب فلم ير الهلال لم يجب الصوم إلا أن يشهد خمسون نفسا من خارج البلد أنهم رأوه. وذكر مثله في المبسوط ١: ٢٦٧.
وقال أبو الصلاح الحلبي في الكافي ١٨١: وعلامة دخوله رؤية الهلال وبها يعلم انسلاخه ويقوم مقامها شهادة رجلين عدلين في الغيم وغيره من العوارض، وفي الصحو وانتفائها إخبار خمسين رجلا، فإن تعذر الأمران وجب تكميل شعبان ثلاثين يوما.
وقال السيد ابن زهرة في الغنية ص ٥٧٠: ويقوم مقام رؤية الهلال شهادة عدلين مع وجود العوارض من غيم أو غيره، ومع انتفائها شهادة خمسين، فإن تعذر الأمران وجب تكميل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم الصوم بنية الفرض، بدليل الاجماع المتكرر.
وقال ابن حمزة في الوسيلة ص ١٤١: ورؤية هلال رمضان لم يخل من ستة أوجه: إما رآه واحد، أو أكثر، أو رؤي في البلد مع عذر، أو مع فقده، أو خارج البلد مع وجود عذر، أو فقده، فالأول إن رآه حقيقة لزمه الصوم وحده، وقال:
أبو يعلى يلزم الكافة والثاني لم يخل إما يرى رؤية شائعة أو غير شائعة، فالأول يلزم الصيام الكافة، والثاني إن رآه اثنان أو أكثر وكان بالسماء علة وجب الصوم وهو القسم الثالث، والرابع لا يثبت إلا بشهادة خمسين نفرا، والخامس والسادس مثل الثاني والثالث.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 تأسيس الأصل 9
3 تمهيد 9
4 المقام الأول: في أصل تشريع الصيام 10
5 المقام الثاني: في عمومية حكم الصيام 11
6 المقام الثالث: حول حدود حكم الصيام المفروض 13
7 المقام الرابع: في موضوع الصيام المفروض 15
8 تنبيه 18
9 زيادة تحقيق 18
10 الأصل القرآني 21
11 فائدة في مادة شهد ومدلولها 21
12 تأييد الأصل القرآني بالروايات 24
13 منهج آخر في التحقيق 30
14 طرق إثبات الهلال 31
15 الامارة الأولى: الرؤية الشخصية 31
16 الامارة الثانية: شهادة الشاهد الواحد 32
17 موانع حجية شهادة الشاهد الواحد 34
18 تثبيت وتأكيد 34
19 الامارة الثالثة: البينة 36
20 الروايات المطلقة في اعتبار البينة 37
21 الروايات المقيدة في اعتبار البينة 41
22 تنبيهات 45
23 ثبوت الهلال بالتواتر والشياع 49
24 ومن الطرق المدعاة رؤية الهلال في النهار 50
25 مضي الثلاثين مع الخفاء والشك 54
26 ثبوت الهلال بالتطويق 56
27 غيبوبة الهلال بعد ذهاب الشفق 60
28 ثبوت الهلال بقول المنجمين 62
29 حكم الحاكم في أمر الهلال 64
30 تذييل 79
31 تقريب لنفوذ حكم الحاكم 79
32 مناقشة التقريب 84
33 مطالعة وتحقيق 89
34 الفائدة الأولى: أفق المسألة 89
35 الفائدة الثانية: حكم اختلاف الآفاق 93
36 الفائدة الثالثة: شهادة النساء في الهلال 107
37 الفائدة الرابعة: الاحتياط بالسفر في يوم الشك 110
38 وهم وإزاحة 113
39 إرشاد 114