واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٧٩
ولا خلاف بين أهل الإسلام بجواز أكل المضطر لمثل هذه المحرمات، وهذا الاضطرار كما يحصل من الجوع في مخمصة، فقد يحصل أيضا نتيجة الإكراه عليه.
قال مجاهد بن جبر المكي (ت / ١٠٣ ه‍) وهو من أئمة المفسرين من التابعين، في تفسير الآية الخامسة: يعني: أكره عليه، كالرجل يأخذه العدو فيكرهونه على أكل لحم الخنزير وغيره في معصية الله تعالى، إلا أن الإكراه يبيح ذلك إلى آخر الإكراه (١).
وهذا دليل مضاف على ما تقدم من أن التقية ليست في الكلام فقط، وإنما تكون في الفعل أيضا، حيث دلت هذه الآية على جواز التقية في الفعل عند الإكراه عليه، كما لو أكره الكافر مسلما على أكل لحم الخنزير فإنه يباح له ذلك، كما أبيح ذلك للمضطر، ولا يسعه أن يمتنع.
قال الجصاص الحنفي (ت / ٣٧٠ ه‍): ومن امتنع من المباح كان قاتلا نفسه متلفا لها عند جميع أهل العلم.. إنه لو امتنع من أكل المباح معه حتى مات كان عاصيا لله تعالى (٢).
الآية السادسة:
قال تعالى: ﴿وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين﴾ (3).

(١) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ٢: ٢٢٧.
(٢) أحكام القرآن / الجصاص ١: ١٢٧.
(٣) البقرة ٢: 195.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»