واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٧٥
وشرفهم في قومهم ولعل فيما حكاه الرازي أقوى في الدلالة على تقيتهم، إذ لا يمكن بموجبه تصور عدم تقيتهم، إلا أن يقال بأنهم لم يكونوا من المؤمنين أصلا، وهذا احتمال باطل لم يقل به أحد قط، وقد صرح القرآن الكريم بخلافه، حيث قال تعالى عنهم : ﴿إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى﴾ (١).
وكيف يعقل عدم اتقائهم وهم من مستشاري ملكهم الكافر؟
نعم، قد يقال بأن قوله تعالى: ﴿وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا﴾ (2) بأنه دال على عدم تقيتهم، كما ورد في كتب التفسير لدى الشيعة الإمامية (3) كما أن قولهم: ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها) هو قول من لا يرى التقية أصلا، فأين تقية أصحاب الكهف حينئذ؟
والجواب: إن هذا القول إن دل على عدم تقيتهم فلا دليل عليه أنهم كانوا لا يرون التقية قبل قولهم هذا، وقد مر ما يشير إلى أن قولهم هذا كان في آخر أيام مكثهم بين قومهم، وكانوا قبل ذلك سائرين على التقية لا محالة.
ولقد مر أيضا في دلالة الآية السابقة على التقية أن مؤمن آل فرعون - كما في أحد القولين - قد أظهر إيمانه حين سمع فرعون اللعين يقول: (ذروني أقتل موسى)، وأن هذا المؤمن قد شافه فرعون بالحق ولم يتق منه، مع أنه كان يكتم إيمانه عن فرعون وقومه بنص القرآن الكريم.
وبعد سلامة دلالة قول أصحاب الكهف المتقدم على عدم التقية، فيكون

(١) الكهف ١٨: ١٣.
(٢) الكهف: ١٨: ١٤.
(٣) هذا ما اختاره الشيخ الطوسي في التبيان ٧: ١٥.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»