واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٦١
أما ما ذكرناه من أقوال غير هؤلاء وهؤلاء من الأحناف والحنابلة فهو على عكس ذلك أيضا، وسيأتي المزيد من إثبات هذه الحقيقة - التي أكدها الشوكاني وغيره - في الفصل الأخير من هذا البحث عند تناول التقية في فقه المذاهب والفرق الإسلامية.
وقال الفقيه الشافعي المفسر محمد بن عمر الجاوي النووي (ت / 1316 ه‍): (من كفر بالله من بعد إيمانه): أي: من تلفظ بكلمة الكفر من بعد إيمانه به تعالى فعليه غضب من الله (إلا من أكره) على التلفظ بالكفر فتلفظ به بأمر لا طاقة له به كالتخويف بالقتل، وكالضرب الشديد، وكالإيلامات القوية مما يخاف على نفسه أو على عضو من أعضائه (وقلبه مطمئن بالإيمان) أي: والحال إن قلبه لم تتغير عقيدته.
ثم أورد بعد هذا قصة عمار بن ياسر رضي الله عنه، وتقيته من المشركين (1).
وذكر السيد جمال الدين القاسمي الشامي (ت / 1332 ه‍) في تفسير هذه الآية بعض التنبيهات.
منها: إن الآية الكريمة قد استدلوا بها على أن المكره غير مكلف، وأن الإكراه يبيح التلفظ بكلمة الكفر، مع شرط طمأنينة القلب بالإيمان، كما استدلوا بها على نفي طلاق المكره، وعتاقه، وكل قول أو فعل صدر منه إلا ما استثني وعزاه إلى السيوطي الشافعي (ت / 911 ه‍) في كتابه: الإكليل.
ثم قال بعد التنبيهات: قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله (ص) من العذاب ما يعذرون به في

(1) تفسير النووي المسمى ب: مراح لبيد لكشف معنى قرآن مجيد 1: 466.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»