فليتأمل شيعة أمير المؤمنين - عليه السلام - المتصدون لأمر القضاء في هذه الخطبة الشريفة، وليلتفتوا إلى موقع عملهم وسلطتهم على دماء الناس والأعراض والأموال و أن أمرها لشديد عند الله - تعالى - فعليهم الدقة والاحتياط، وليس بناكب عن الصراط من سلك سبيل الاحتياط.
وعن المفيد في المقنعة، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: " من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين. " (1) وفي رواية أنس بن مالك، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " لسان القاضي بين جمرتين من نار حتى يقضي بين الناس، فإما إلى الجنة وإما إلى النار. " (2) وروى الترمذي بسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة. " (3) هذا.
ولكن لما كان أمر القضاء عظيما لا ينسجم نظام بلاد المسلمين وحفظ حقوقهم إلا به فالمتصدي له إذا كان أهلا له وراعى جانب الدقة والاحتياط في عمله فلا محالة كان أجره عند الله أيضا عظيما. ولا يجوز لمن يقدر عليه ويوجد فيه الشرائط أن يتركه إلا مع وجود الكفاية.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ساعة إمام عادل أفضل من عبادة سبعين سنة. " (4) هذا.
وذكر أمير المؤمنين - عليه السلام - في كتاب كتبه لمالك الأشتر مواصفات من يريد أن يختاره للقضاء، فقال: " ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن