أبقت الفرائض فلأولي ذكر، وروي أيضا فلأولي عصبة قرب عصبة، وروي أيضا فلأولي عصبة ذكر، وفي رواية أخرى فلأولي رجل ذكر عصبة، واختلاف لفظه والطريق واحد يدل على ضعفه.
وقد خالف ابن عباس الذي يسند هذا الخبر إليه ما أجمع متقبلو هذا الخبر عليه في توريث الأخت بالتعصيب إذا خلف الميت ابنة وأختا على ما قدمنا وحكيناه عنه، وراوي الخبر إذا خالف معناه كان فيه ما هو معلوم، ثم إذا تجاوز عن ذلك من أين لهم أن معنى العصبة المذكورة في الخبر هو ما يذهبون إليه، وليس في اللغة العربية لذلك شاهد ولا في العرف الشعبي؟ فأما اللغة فإن الخليل بن أحمد قال في كتاب العين، إن العصبة مشتقة من الأعصاب وهي التي تصل بين أطراف العظام، ولما كانت هي الواصلة بين المتفرق من الأعضاء حتى التأمت، وكان ولد البنات أولادا للجد كما أن أولاد الابن ولد للجد، والجد جد للجميع كان البنات في جميع ولدهن إلى الجد، وضم الأهل والقبيلة المنسوبة إلى الجد كالبنين وكانوا جميعا كالأعصاب التي تجمع العظام وتلائم الجسد، فوجب أن يسموا جميعا عصبة، وذكر أبو عمرو غلام ثعلب قال: قال ثعلب: قال ابن الأعرابي: العصبة جميع الأهل من الرجال والنساء، فإن هذا هو المعروف المشهور في لغة العرب، وإن الكلالة ما عدا الوالدين والولد من الأهل، فإذا كانت اللغة على ما ذكرناه فهي شاهد بضد ما يذهب إليه مخالفنا في العصبة، وليس هاهنا عرف شرعي مستقر في هذه اللفظة، لأن الاختلاف واقع في معناها لأن في الناس من يذهب إلى أن العصبة إنما هي القرابة من جهة الأب.
وفيهم من يذهب فيها إلى أن المراد بها قرابة الميت من الرجال الذين اتصلت قرابتهم به من جهة الرجال كالأخ والعم دون الأخت والعمة، ولا يجعل الرجال الذين اتصلت قرابتهم من جهة النساء عصبة كإخوة الميت لأمه وفيهم من جعل العصبة مأخوذة من التعصب والرايات والديوان والنصرة ومع هذا الاختلاف لا إجماع يستقر على معناها، على أنهم يخالفون لفظ هذا الحديث الذي يروونه لأنهم يعطون الأخت مع البنت بالتعصيب وليست برجل ولا ذكر كما تضمنه لفظ الحديث.
فإن قالوا: تخص هذا اللفظ إذا ورثنا الأخت مع البنت.