يلزم أن نقول الأحكام الشرعية معرفات، بل نقول هي علل، ولكن في هذا المورد العلة لترتب الأمرين هو الاقرار مرتين، والاقرار مرة واحدة علة لترتب أحد الأثرين، وذلك لأن مبنى الشارع في الحدود الإلهية على التخفيف فلا بد من اقرارين، وأما في حقوق الناس فعلى الاحتياط فيكفي الاقرار الواحد لأن يقضى عليه بالغرم.
هذا، ولكن مقتضى أدلة القضاء عمومها بالنسبة إلى الحاضر والغائب، وحينئذ فلو سرق حكم بقطع يده وبالغرم معا لعموم الأدلة، ودليل درء الحد بالشبهة لا يشمل هذا المقام ولا مخصص تام سندا ودلالة لتلك العمومات، فيقضى عليه في الحقين بلا فرق إلا أن يكون هناك اجماع.
المسألة الثالثة (لو كان صاحب الحق غائبا فطالب الوكيل) قال المحقق: " لو كان صاحب الحق غائبا فطالب الوكيل فادعى الغريم التسليم إلى الموكل ولا بينة، ففي الالزام تردد بين الوقوف في الحكم لاحتمال الأداء، وبين الحكم والغاء دعواه لأن التوقف يؤدي إلى تعذر طلب الحقوق بالوكلاء والأول أشبه ".
أقول: الوكيل تارة وكيل في المرافعة فقط وأخرى هو وكيل في المرافعة والمطالبة بالحق معا، وحيث يكون له المطالبة بالحق فإن ادعى الغريم تسليمه إلى الموكل طالبه بإقامة البينة على دعواه الوفاء به، فإن أقامها حكم الحاكم له، وإن لم يكن له بينة على