وقوله بشهوة يمكن ويحتمل أن يكون قيد الانزال، فالمعنى أن انزال المرأة عن محملها بشهوة حتى يمنى يوجب الكفارة، كما يحتمل كونه قيدا للنظر، فحينئذ، يكون مفاد الرواية إن النظر بشهوة إذا صار سببا للانزال فيه بدنة ويحتمل كونه قيدا لكل منهما.
ثم إن ثبوت الكفارة على الاحتمال الثاني، يمكن أن يكون للنظر بشهوة فقط، ويترتب عليه من دون دخل للامناء، كما يحتمل أن تكون الكفارة مترتبة على الامناء فقط من دون دخل للنظر، ولكن القدر المتيقن من الاحتمالين إن الكفارة إنما تترتب على النظر بشهوة مع تعقبه بالامناء لا على مجرد النظر بشهوة، ولا على الامناء فقط، فمعنى الرواية حرمة الامناء وثبوت الكفارة على من نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى إذا طلب ذلك.
منها رواية أبي سيار المتقدمة قال: قال لي أبو عبد الله: (يا أبا سيار: إن حال المحرم ضيقة إلى أن قال: من نظر إلى امرأته شهوة فأمنى فعليه جزور) الخبر (1).
والمتيقن من هذه الرواية والمصرح بها حرمة النظر بشهوة حتى يمنى لا النظر الخالي من الشهوة، ولا النظر بشهوة من غير امناء، فلا تكون دليلا على حرمة النظر بغير شهوة، ولا على حرمته بشهوة من دون امناء.
ورواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال: (سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته بعد ما حلق ولم يطف ولم يسع بين الصفا والمروة: اطرحي ثوبك، فنظر إلى فرجها، قال لا شئ عليه، إذا لم يكن غير النظر). (2) وهذه الرواية بظاهرها تدل على جواز النظر بغير شهوة بل على جوازه بشهوة مع عدم الامناء، فإن النظر إلى الفرج لا ينفك عن شهوة.