ورواية سليمان على أقله أن الحكم في الغايتين وما بينهما منوط بنظر الإمام.
نعم يبقى الكلام في إن مستند الحكم في الطرفين ضعيف. لكن قال في الجواهر:
وما فيهما من الضعف منجبر بما عرفت..
ومراده من (ما عرفت) هو ما ذكره في صدر المسألة من حكاية الحكم بالجلد من ثلاثين إلى تسعة وتسعين عن الشيخ وابن إدريس وأكثر المتأخرين.
وما ذكره إنما يتم إذا كان الشهرة بين المتأخرين كافية في جبر ضعف الرواية.
ثم إن تم التمسك بهما للانجبار فنقول بتعزيرهما من ثلاثين إلى تسعة وتسعين.
وأما لو استشكل في ذلك أو أنه قيل بتعارض الروايات وتساقطها ولم يمكن استفادة الحكم منها ووصلت النوبة إلى التمسك بالأصل فهناك نقول: إن التسعة والتسعين معلوم الجواز والزائد مشكوك فيه فالأصل البراءة من الزائد بل الأصل عدم الجواز هذا من ناحية الأكثر وأما من ناحية الأقل فحيث إن الجلد من باب التعزير فلا بد - من أن يكون أمره موكولا إلى نظر الحاكم إلا أن مقتضى تصريح بعض الروايات بثلاثين هو عدم الاكتفاء بأقل منها فلو جلدا ثلاثين فقد عمل بالتكليف بخلاف الأقل فإنه لا يقطع بذلك لأنه من قبيل الشك في الامتثال مع العلم بالتكليف المقتضي للخروج عنه يقينا.
وبعبارة أخرى إنه من باب الدوران والترديد بين التعيين والتخيير لأن الثلاثين واجبة إما معينا أو بعنوان أحد أفراد التخيير إلى الواحد فلو أخذ بالثلاثين فقد أخذ بما هو الواجب مطلقا بخلاف الأقل من ذلك.
وإن شئت فقل: إن وجوب الأقل في ضمن الثلاثين معلوم وبنفسه غير معلوم فيؤخذ بالمعلوم ويترك غير المعلوم.
وقد تحصل أن مقتضى الأصول أيضا يتحد ويتوافق مع ما هو نتيجة الاستظهار من الروايات فإن الأخذ بالمتيقن والتمسك بأصالة عدم الامتثال بأقل من ثلاثين في ناحية الأقل وأصالة عدم جواز الزائد في ناحية الأكثر يوجب القول بتعزيرهما من ثلاثين إلى تسعة وتسعين.