به، إلا أن الكلام في إجراء الحد فهل مجرد ذلك كاف في الحكم بالحد؟ وكيف يحكم بذلك والحال أن الموضوع مشكوك فإن الموضوع للحد هو القذف والآن يشك في كونه قذفا فإنه حين إلقاء الكلمة لا يقطع بذلك بل يشك فيه وعلى الجملة فمع كون الشبهة بدوية موضوعية كيف يترتب أحكام الموضوع؟ وهل يحد من شرب مشكوك الخمرية؟ فمن ارتكب ما لا يعلم أنه قذف لا يترتب عليه الأحكام كالحد.
وما ذكره قدس سره من شهادة بعض وإباء بعض آخر مع اجتماعهم لذلك ووجوب حد من أقدم على الشهادة. ففيه: أن الرمي هناك قد تحقق، غاية الأمر أنه كان يزعم أن رميه هذا حلال وجائز لتخيل أن الشهادات تتم بالأربعة فكانت شهادته الرمي والقذف بخلاف المقام فإنه لا يعلم أن قوله هذا رمي أم لا وهكذا في مثال رؤية الزنا واللواط.
فتحصل أنه مع معرفة اللافظ أن لفظة كذا رمي فهي لا توجب الحد، نعم إذا علم أنه سب وتوهين للمؤمن فهو يوجب التعزير كما تقدم آنفا.
ثم إنه هل يعتبر مضافا إلى معرفة القاذف باللغة ومعناها القصد إلى الرمي أو يكفي في القذف مجرد إلقاء اللفظ ولو لم يقصد المعنى كما إذا سأل أحد عن تفسير القذف فأجاب المسؤول: هو أن أقول لك: يا زاني، فإن القائل لم يقصد بهذه الكلمة الرمي وإنما ألقاها قاصدا المثال. من المعلوم أن هذا ليس قذفا لعدم صدق الرمي والحال هذه، لكن إذا ألقى تلك الكلمة مزاحا لا جدا كما هو دأب جهلة الناس والفئة غير المبالين فهل هذا يعتبر رميا بعد أن كان حراما بلا ترديد وإشكال؟.
يمكن أن يقال: إن مقام الفحش والشتم غير مقام النسبة حقيقة ألا ترى أنه لو واجه إنسانا بقوله: يا كلب بن كلب كما قد اتفق ذلك بالنسبة إلى بعض الأعلام (1) فإن هذا قد شتم المخاطب لا أنه أراد أن يقول إنه كلب وأبوه كلب