الجمع بحيث لا ينافي اجراء واحد إقامة الباقي فلا محالة يجمع بين الأمور اللازمة ويتخير المستوفى بين تقديم أي واحد وتأخيره، كما إذا وجب على أحد الجلد والقطع والتعزير، وأما إذا لم يمكن الجمع مطلقا وإن أمكن الجمع في بعض الصور وبعبارة أخرى لو كان أحد الحدين مثلا بحيث لو قدم على الآخر ينتفى موضوع الآخر دون العكس فهناك يجب تقديم ما أمكن معه اجراء الباقي وذلك كما إذا اجتمع حد السرقة والجلد لحد الزنا غير المحصن، والرجم أو القتل كزنا المحصن أو الزنا بالمحارم فإنه لو قدم الرجم أو القتل لم يبق موضوع ومورد للقطع والجلد، ولا عكس، فيجب تقديم الجلد وحد السرقة ثم الرجم أو القتل، والبدأة بما لا يفوت معه الباقي.
والدليل على ذلك أولا القاعدة العقلية فإن إذا كان هناك تكليفان وأمكن العمل بهما والجمع بينهما وجب أن يؤتى بكل واحد منهما عملا بالتكليفين المستقلين، والعقل لا يجوز البدأة بما لا يبقى معه موضوع الآخر لأنه لا يجوز إزالة التكليف الإلهي فيقدم الجلد كي يجمع بين التكليفين.
وثانيا الأخبار الشريفة فقد وردت نصوص مستفيضة معتبرة تدل على ذلك ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: أيما رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل يبدأ بالحدود التي هي دون القتل ثم يقتل بعد ذلك (1).
وعن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل، قال: كان علي عليه السلام يقيم عليه الحد ثم يقتله ولا تخالف عليا عليه السلام (2).
وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل، فقال: كان علي عليه السلام يقيم عليه الحدود ثم يقتله ولا تخالف عليا عليه السلام (3).