أقول: إن أصل إناطة حياة الطفل باللبأ محل الترديد والكلام، وليس ذلك بمسلم وإن كان هو المشهور. ولذا قال بعض الأعاظم مجيبا عنه ويمكن أن يقال: ما ذكر من لا بدية حمل الارضاع على مدة اللباء مشكل حيث إن ما ذكر من أن الطفل لا يعيش بدون اللبأ مورد الانكار فكيف يصرف اللفظ إليه بلا قرينة وما ذكر في رفع شبهة الاشتراك ليس يقيد إلا الظن، والظن ما لم يصل إلى حد الوثوق والاطمينان كيف يصح الاعتماد عليه في رفع الشبهة (1).
والتحقيق أن يقال: إن ما تمسك به في اثبات مدعاه من صحيح أبي مريم لا ينفع في ذلك أصلا فإن قوله عليه السلام: حتى وضعت ثم أمر بها بعد ذلك فحفر لها الخ ليس له اطلاق فإنه بيان لما وقع وصدر عنه صلى الله عليه وآله ولا يمكن حمله على صورة عدم المرضع والكافل أصلا بأن يكون يجب التسريع في اجراء الحد وإن أفضى ذلك إلى هلاك الصبي، والعقل حاكم بذلك فلا بد من أن يحمل على صورة وجود المرضع والكافل ومن المعلوم أن هذا مطابق للقاعدة العقلية ولا شك في أنه مع وجود الكافل لا يؤخر اجراء الحد أصلا وأما مع عدم وجوده فيجب التأخير في الحد عقلا ونقلا وعلى هذا فالخبر لا ينفع في اثبات مدعاه من وجوب ارضاع الصبي اللبا.
هذا مضافا إلى التصريح بالارضاع حولين كاملين في روايات أخرى وعلى الجملة فهذا الصحيح لا يقول إلا ما قالت به الروايات الأخرى من أنه مع وجود الكافل يقام عليها الحد وعلى هذا فلا حاجة إلى تجشم الذب عن الاشكال الوارد في الرواية من جهة اشتراك أبي مريم، والاشكال الذي أورده بعض الأعاظم على هذا الذب، فإن الصحيح المزبور لا ينفع في اثبات مراده شيئا.
وأما ما ذكره من أن رواية أصبغ أجنبية عن المقام فإن الأمر بالارضاع كان قبل الثبوت، ففيه ما أورد عليه من أنه يشكل حيث إنه مع اصرار المرأة بتطهيرها والعلم العادي بأنها تقر مكررا حتى يجرى عليها الحد كيف تؤمر بالارضاع حولين كاملين إلى آخر كلامه.