الإمام أقام عليه الحد وإن علم مكانه بعث إليه (1).
والظاهر أن المراد منه إن هذا الرجل الذي أقيمت عليه البينة وهرب تارة يكون قد تاب قبل ذلك وأخرى لم يتب حتى وقع في يد الإمام فالأول لا شئ عليه وأما الآخر الذي وقع في يد الإمام بدون التوبة فهو يحد سواء تاب بعد ذلك أم لا.
ويستفاد ذلك أيضا من أخبار باب الاقرار بالزنا كخبر رجل أتى النبي وقال: طهرني.. وقول رسول الله صلى الله عليه وآله: لو استتر ثم تاب كان خيرا له (2) وقد نقلناه آنفا، وخبر أصبغ المذكورة آنفا أيضا وفيه: أيعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه، وفيه أيضا فقال: وما دعاك إلى ما قلت؟ قال: طلب الطهارة قال: وأي طهارة أفضل من التوبة (3)؟
تدل هذه الروايات صريحة على أن التوبة فيما بينه وبين الله تعالى أفضل من الاقرار عند الحاكم، وإن ما يترتب عليه من الطهارة فهو يترتب على التوبة.
وكيف كان فيستفاد من الأخبار أن التوبة قبل وصول الأمر إلى الحاكم وقيام البينة تسقط الحد بخلاف ما إذا كانت بعد قيام البينة فإنها لا توجب سقوطه.
ثم إنه ذهب بعض الأصحاب كالمفيد والحلبيين ابن زهرة وأبو الصلاح قدس الله أسرارهم إلى أن الحاكم مخير بين الإقامة وعدمها فيما إذا تاب بعد قيام البينة لا أنه يتعين عليه الحد.
قال المفيد: ومن زنا وتاب قبل أن تقوم الشهادة عليه بالزنا درأت عنه التوبة الحد فإن تاب بعد قيام الشهادة عليه كان للإمام الخيار في العفو عنه أو إقامة الحد عليه حسب ما يراه من المصلحة في ذلك له ولأهل الاسلام فإن لم