الحدود والاجتراء على اقتراف المحرمات وارتكاب الفواحش.
وقد يقال ما وجه التعرض للأعمى وقبول ادعائه الشبهة والحال إن المبصر أيضا كذلك؟
والجواب عنه إن خصوصية المقام هو كون الأعمى أقرب إلى الاشتباه من البصير فحيث إنه يكون في معرض الاشتباه أكثر من المبصر فلذا تعرضوا له مستقلا.
ثم إنه قد تتحقق الشبهة بدون أن يدعيها هو بنفسه كما في غير ذلك من أموره وما يجري عليه ويصدر عنه نظير ما لو وقع في البئر فإنه لا يشك أحد في أن وقوعه وسقوطه فيه لم يكن عن عمد واختيار بل كان ذلك لعدم تفطنه وتذكره فوقع في البئر على حين غفلة منه، وعلى الجملة فهل الشبهة بحقيقتها ونفسها بدون ادعائه لها توجب الدرء كما يدرء بها مع ادعائه أم لا؟
الظاهر هو الأول وذلك لما هو المفروض من تحقق الشبهة وإن الشبهة دارئة للحد فإذا رأى الشهود أن الأعمى قد باشر الأجنبية وزنى وشهدوا بذلك لكن كان هناك احتمال الغفلة والاشتباه وإن لم يدع ذلك أصلا فكيف يجوز اجراء الحد عليه مع احتمال الشبهة احتمالا قويا والحدود تدرء بالشبهات؟
لكني لم أقف على ذلك في كلمات العلماء رضوان الله عليهم أجمعين. ومثل ذلك أن يقال بلزوم السؤال عنه والحكم على حسب ما يجيبه فربما أبدى عذرا وأتى بشبهة كما في المرأة الحامل بلا زوج، وذلك لوقوع الشبهة واحتمال الجذب في الحمام أو الوطي بشبهة فلا تعرض لذلك في كلماتهم.
نعم أفتى شيخ الطائفة قدس سره بلزوم السؤال، وإليك عبارته: إذا وجدت امرأة حامل ولا زوج لها فإنها تسئل عن ذلك فإن قالت: من زنا، فعليها الحد وإن قالت من غير زنا فلا حد عليها وقال بعضهم: عليها الحد والأول أقوى لأن الأصل براءة الذمة لأنه يحتمل أن يكون من زنا أو من وطي بشبهة