ولعل القائلين بذلك استندوا بعضهم بالنبوي كما في الكتب الاستدلالية، وبعضهم برواية عقبة بن خالد، وبعضهم بالشهرة، وبمجرد أنه رأي المسألة مشهورة بين الأصحاب ذهب إليه تبعا لهم، فيكون الاجماع أيضا ساقطا في المقام.
والعمدة هو التمسك بالسيرة التي نسميها بالدليل الرابع نوعا، لا من جهة كونها في المقام دليلا رابعا، بل من جهة الاصطلاح كالدليل الانسدادي المسمى بالدليل الرابع.
وتوضيح ذلك أن الدائر بين الناس بل ما يجري عليه بناؤهم أن التسليم والتسالم في المعاملات من مكملات الملكية، بحيث إن العرف يرى اجمالا عدم حصول الملكية قبل التسليم والتسالم، ولذا يعبر عن ذلك في الفارسية بلفظ: داد وستد، ونعم التعبير هو، وعلى هذا فإذا تلف المبيع قبل التسليم والتسلم يكون التلف من البايع، فإن ملكية المشتري لم تتم بعد على العين وإن كان مملوكا له في الجملة.
وبعبارة أخرى أن البيع يفيد الملكية والتسلم ليس شرطا فيه، ولكن السيرة قائمة على كون التسليم من مكملات البيع، بمعنى أنه ينحل بدون التسليم فيكون شأن السيرة شأن النبوي الدال على أن التلف قبل القبض من مال بايعه، لا أن الملكية ناقصة بدون التسليم.
وبعبارة ثالثة أن الملكية مقيدة بالانفساخ الحاصل بالتلف، فيكون كتقيد الملكية بالفسخ في مورد الخيار، ولا نقول إن التسليم والتسلم من شرائط حصول الملكية، بل نقول إن السيرة قائمة على أن المشتري لا يلزم بدفع الثمن قبل دفع البايع المثمن إليه، بل يقول ما أعطيت لي شيئا حتى أعطيك الثمن، وإلا فالملكية حاصلة حتى لو لم تكن هذه السيرة لكان التلف من المشتري لأنه ماله، وهذا ثمرة واضحة.