العقل يدرك حسن ذلك وقبح تركه، وأما إن تركه أي شئ يستتبع، أهو يستتبع العقاب فلا، بل غايته أن يستتبع منع النعمة وأخذها من المنعمين بصيغة المفعول.
وقد قلنا في وجوب معرفة الله أن وجوب المعرفة شرعا لا يستفاد من الدليل، إذ ليس للعقل إلا الادراك وأن تعظيمه لأنعامه حسن، ولكن لا يدل على كونه معاقبا إذا لم يشكر بل على حرمان النعمة فقط، وما يوجب العقاب ويستتبعه إنما هو ترك الوجوب الشرعي ومخالفته.
وبالجملة لا يستفاد من الدليل وجوب المعرفة فكيف بوجوب إطاعة الأئمة (عليهم السلام) في أوامرهم الشخصية، وإنما قلنا بوجوب المعرفة لأجل الضرر المحتمل والعقاب المحتمل، وليس هنا ذلك لقبح العقاب بلا بيان، ولا يجري ذلك في وجوب المعرفة لعدم امكان البيان قبل المعرفة، واحتمال أنه يعاقب بلا بيان ضعيفة.
وبالجملة العمدة في المقام هي الآيات والأخبار، وربما يقرر الدليل العقلي بوجه آخر غير مستقل ويتم بضم مقدمة أخرى إليه، وحاصله:
أن الأبوة والبنوة تقتضي وجوب الطاعة على الابن في الجملة، والإمامة تقتضي ذلك بالأولوية على الرعية، لكون الحق هنا أعظم بمراتب، وهذا نظير أن يقال: إن الشئ الفلاني مقدمة للشئ الفلاني، فمجرد ذلك لا يكفي في الوجوب، ويتم ذلك بضم مقدمة أخرى، من أن المقدمة واجبة.
وفيه أنه على تقدير تمامية ذلك كما لا يبعد أن يكون كذلك، بل ورد في الرواية: أن الرسول (صلى الله عليه وآله) سأل عن شخص: تحبني أكثر من أبيك أو تحب أبيك أكثر مني، فقال: أحبك أكثر من أبي - إلى أن قال: - تحبي أكثر من الله، فقال: إنما أحبك لله، فاستحسنه الرسول (صلى الله عليه وآله)، إلا أن إطاعة