تقدم في قاعدة ما لا يضمن، أما دليل اليد (1) وأن من وضع يده على مال غيره فلا بد له أن يخرج من عهدته بجميع شؤونه وخصوصياته، كما تقدم، وأما قاعدة الاقدام على الضمان كما استدل بها شيخ الطائفة (2) وغيره في ما لا يضمن.
وأما قاعدة اليد، فهي وإن كانت مسلمة ومتسالما عليها بين الفقهاء، ولكنها خصصت بفحوى ما دل على عدم ضمان من استأمنه المالك ودفعه إليه المال لحفظه، كما في الوديعة والإجارة والعارية، فإن دفع العين في هذه الموارد ليس إلا بعنوان الوديعة دون الضمان، فلا يكون تلفها موجبا للضمان.
وعلى هذا فإذا كان دفع المال وتسلط الغير عليه ليتصرف فيه ويتلفه فلا يوجب الضمان بطريق أولى، فلا يكون ذلك إلا كالبيع بلا ثمن والهبة الفاسدة والإجارة بلا أجرة فلا يكون فيها ضمان، وكذلك يكون مثلا اعطاؤه إلى ثالث، فإن الجامع في جميع ذلك هو أن التسليط فيها مجاني كما لا يخفى.
وأما قاعدة الاقدام، فهي أيضا غير جارية هنا، إذ لم يقدم البايع على الضمان بالثمن لعلم المشتري بكونه غير مالك وإنما الضمان به فيما يكون ذلك من البايع المالك فيكون اعطاء الثمن حينئذ في مقابل ماله تضمينا له بالمال الذي هو الثمن، ولذا يكون ضامنا مع الفساد أيضا.
ثم أورد على نفسه بأنه أي فرق بين المقام وبين بيع الغاصب الذي تقدم، فإن تصحيحه إنما كان بأن البيع فيه حقيقة واقع عن المالك، لأن معرفة المالك شخصه وخصوصيته غير لازم، وخصوصياته غير دخيلة