أخذه من الغير بالقمار أو بغيره من الأسباب الباطلة شرعا ثم باع لنفسه مع اعتقاده بحسب تدينه بدين الاسلام أنه مال الغير، ثم انكشف أن هذا بعينه المال الذي كان ذلك الغير أخذ منه أمس.
فالظاهر أنه لا شبهة في صحة هذا البيع لعدم قصور في الانشاء ولا في المنشأ، بل إنما تحققت حقيقة البيع على النحو الذي لا بد وأن تتحقق، فإن حقيقته المبادلة بين المالين في علقة المالكية وقد حصل ذلك في نظر العرف والعقلاء، فإنهم يرون التمسك بالقمار ونحوه من الأسباب الباطلة من المملكات، فيرون بيع المقامر ما تملكه بالقمار صحيحا فيصدق على بيعه هذا بيعا بالحمل الشايع مع كونه مالكا واقعا، إذن فيشمله العمومات فيحكم بصحته شرعا أيضا، غاية الأمر أنه لم يعلم بكونه مالكا واقعا وفي نظر الشارع فهو لا يضر بصحة البيع.
وبعبارة أخرى حكم الشارع بالمالكية من الأحكام الشرعية، فصحة البيع لا يتوقف على العلم به وإلا فلا بد من عدم تحقق البيع وصدقه على بيع من لا عقيدة له لشريعة من الكفار والفساق مع كونه بيعا صحيحا عند العرف والعقلاء.
وبالجملة أن صحة مثل ذلك مع صدوره عن مالكه الواقعي وتحقق شرائطه مما لا شبهة فيه، وهل يحتاج ذلك إلى الإجازة أم لا، فالظاهر أنه غير محتاج إلى الإجازة لكونه صادرا من مالك المبيع وواقعا لنفسه ومستندا إليه، فالاحتياج إلى الإجازة تحصيل الحاصل فلا نحتاج إليها.
وبعبارة أخرى أن العقد بعد تمامية أركانه ووقوعه عن مالكه بعد نفسه مالكا للمال بأي نحو كان، وكونه مالكا أيضا واقعا غير أنه يعتقد فقط كون المال للغير من باب الجهل، فلا وجه لتوهم كونه محتاجا إلى الإجازة ثانيا، فإن مجرد الجهل بالحال لا يستلزم ذلك كما هو واضح، وذلك كما إذا باع مال نفسه لنفسه غفلة عن كونه له، فهل يتوهم أحد بطلان البيع هنا.