كاطلاق الضراب على الضارب، فإنه اخبار عن الكثرة بالهيئة، نعم لو قامت قرينة خارجية على إرادة الواقع وكون استعمال اللفظ فيه لأجل المبالغة فقط لما كان كذبا.
ومثله ما هو متعارف بين المتحاورين من استعمال بعض الفصول من الأعداد في مقام التكثير والاهتمام، كلفظ سبع أو سبعين أو ألف، فيقول المولى لعبده مثلا: لو اعتذرت مني ألف مرة لما قبلت عذرك، ومن ذلك قوله تعالى: إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم (1)، كما ذكره الطبرسي (2)، فإن الغرض من الآية هو نفي الغفران رأسا.
وتجوز المبالغة أيضا بالتشبيه والاستعارة، كتشبيه الرجل العالم بالبحر المواج، وتشبيه الوجه الحسن بفلقة القمر، وكالكناية عن الجود بكثرة الرماد وهزال الفصيل وجبن الكلب، واستعارة الأسد والسيف البتار للرجل الشجاع، ولا يعد شئ منها كذبا، وكيف والقرآن الكريم وخطب الأئمة (عليهم السلام) وكلمات الفصحاء مشحونة بذلك، بل ربما تكون هذه الخصوصيات وأمثالها موجبة لقوة الكلام ووصوله إلى حد الاعجاز أو ما يقرب منه.
والوجه في خروج المبالغة بأقسامها عن الكذب هو أن المتكلم إنما قصد الاخبار عن لب الواقع فقط، إلا أنه بالغ في كيفية الأداء فتخرج عن الكذب موضوعا، نعم إذا انتفى ما هو ملاك المبالغة من وجه الشبه ونحوه كان الكلام كاذبا.