وصول حاجة، ليغتر المخاطب بقوله فيرتب عليه الأثر فيضحك منه الناس.
وهذا لا شبهة في كونه من الكذب، فإنه عبارة عن الخبر غير الموافق للواقع، واختلاف الدواعي لا يخرجه عن واقعه وحقيقته، وإذن فيكون مشمولا لما دل على حرمة الكذب.
وقد يكون الكلام بنفسه مصادقا للهزل، بحيث يقصد المتكلم انشاء بعض المعاني بداعي الهزل المحض، من غير أن يقصد الحكاية عن واقع ليكون اخبارا ولا يستند إلى داع آخر من دواعي الانشاء، ومثاله أن ينشئ المتكلم وصفا لأحد من حضار مجلسه بداعي الهزل، كاطلاق البطل على الجبان، والذكي على الأبله، والعالم على الجاهل.
وهذا لا دليل على حرمته مع نصب القرينة عليه، كما استقربه المصنف، والوجه في ذلك هو أن الصدق والكذب إنما يتصف بهما الخبر الذي يحكي عن المخبر به، وقد عرفت أن الصادر عن الهازل في المقام ليس إلا الانشاء المحض فيخرج عن حدود الخبر موضوعا.
وقد يقال بالحرمة هنا أيضا لاطلاق جملة من الروايات: منها مرسلة سيف المتقدمة فإنها ظاهرة في وجوب الاتقاء عن صغير الكذب وكبيره في الجد والهزل على وجه الاطلاق.
وفيه مضافا إلى كونها ضعيفة السند، أن انشاء الهزل خارج عن الكذب موضوعا كما عرفت، فلا يشمله ما دل على حرمة الكذب.
ومن هنا ظهر الجواب عن التمسك برواية أبي ذر المتقدمة من اثبات الويل لمطلق الكاذب، كما ظهر الجواب عن رواية الحارث الأعور (1)،