معينين بشرط متأخر، وهو قوله: إن أكلتموها فهي لكم، واشترط عليهم الضمان إذا تخلف الشرط المذكور، وقال: وإن لم تأكلوها فعليكم كذا وكذا، وقد حكم الإمام (عليه السلام) بفساد هذه المعاملة وعدم ترتب الأثر عليها بقوله: لا شئ في المؤاكلة، وأنها ليست من المعاملات التي أمضاها الشارع، كما أمضى المزارعة والمضاربة والمساقات وغيرها.
وعلى هذا فمفاد الرواية ينحل إلى قضيتين: إحداهما موجبة وهي إباحة الشاة بشرط متأخر إباحة مالكية، والثانية سالبة وهي عدم تحقق الإباحة المالكية مع تخلف الشرط المذكور، وحكم القضية الأولى هو الجواز وضعا وتكليفا من غير غرامة على الآكلين، وحكم القضية الثانية هو عدم الجواز وضعا لا تكليفا، فتثبت عليه غرامة الأكل لكونه مشمولا لعمومات أدلة الضمان، لا لأنها معاملة خاصة توجب الضمان بنفسها.
ويدل على ذلك من الرواية أمران: أحدهما قوله (عليه السلام): لا شئ في المؤاكلة، فإن ظاهره أن الصادر بين مالك الشاة وأصحابه إنما هو عقد المؤاكلة في الشاة، وثانيهما قول المالك: إن أكلتموها فهي لكم وإن لم تأكلوها فعليكم كذا وكذا، فإن ظاهره أن هذا القول من المالك صيغة لعقد المؤاكلة، وأن المتعاملين بها يحاولون ايجاد معاملة خاصة كسائر المعاملات المقررة في الشريعة المقدسة.
وقد علم من الوجهين المذكورين أن كلمة: آكل في قول السائل:
في رجل آكل وأصحاب له شاة، إنما هو فعل ماض من باب المفاعلة وليس باسم فاعل من الثلاثي المجرد، ولا فعل ماض منه كما هو واضح.
ونظير هذه المعاملة كثير الوقوع بين أهل العرف، فيقول أحدهم لصاحبه: إن أكلت كذا مقدارا من الثمرة، أو إن سكنت في هذه الدار سنة واحدة فليس عليك شئ وإلا فعليك كذا وكذا.