إلا أن يكون مراد الفلاسفة أن الفياض على الاطلاق في جميع الحالات هو الباري تعالى، ولكن إفاضة الوجود بواسطة النفوس الفلكية، وهي طرق لوصول الفيض وليست مؤثرة في عالم العناصر ليلزم منه انكار الصانع، ويظهر هذا من كلام جماعة منهم.
على أن الظاهر من الآيات والروايات أن حركة الأفلاك إنما هي حركة قسرية وبمباشرة الملائكة، فالاعتقاد على خلافه مخالف للشرع وتكذيب للنبي الصادق (صلى الله عليه وآله) في أخباره، فيكون كفرا، وإرادة النفوس الفلكية من الملائكة من تأويلات الملاحدة، كما صرح به المجلسي (رحمه الله) في اعتقاداته (1).
ثم إن الاعتقاد بالأمور المذكورة إنما يوجب الكفر إذا علم المعتقد بالملازمة بينها وبين انكار الصانع أو تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله)، وإلا فلا محذور فيه كما عرفت في المقدمة الثانية.
2 - أن يلتزم بتأثير الأوضاع الفلكية والكيفيات الكوكبية بنفسها في حوادث العوالم السفلية، كتوسعة الرزق وأنوثة الولد ورجولته، وصحة المزاج وسقمه، وازدياد الأموال ونقصانها، وغيرها من الخيرات والشرور، سواء قلنا بالنفوس الفلكية أم لم نقل، وهو على وجهين: الأول:
أن يكون ذلك علة تامة لحدوث الحوادث، والثاني أن يكون شريكا للعلة في الأمور المذكورة.
وكلا الوجهين باطل، لأنه انكار للصانع أو لتوحيده جل وعلا، والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الشيعة والسنة (2)، بل قامت الضرورة بين