نعم ذكرت فيه (1) معائش الخلق على خمسة أوجه: وجه الأمارة، ووجه العمارة، ووجه الإجارة، ووجه التجارة، ووجه الصدقات، إلا أن ذلك غير مربوط بما في تحف العقول سنخا وحكما.
١ - عن علي بن الحسين المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه نقلا عن تفسير النعماني عن علي (عليه السلام) أنه قال:
فأما ما جاء في القرآن من ذكر معائش الخلق وأسبابها فقد أعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه وجه الإشارة (الأمارة)، ووجه العمارة، ووجه الإجارة، ووجه التجارة، ووجه الصدقات.
وأما وجه الإشارة، فقوله تعالى: واعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين (الأنفال: 41)، إلى أن قال (عليه السلام):
وأما وجه العمارة فقوله: هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها (هود: 61)، فأعلمنا سبحانه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك سببا لمعايشهم بما يخرج من الأرض، من الحب والثمرات وما شاكل ذلك مما جعله الله تعالى معايش للخلق.
وأما وجه التجارة فقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل - الآية (البقرة: 282)، فعرفهم سبحانه كيف يشترون المتاع في السفر والحضر وكيف يتجرون إذ كان ذلك من أسباب المعايش.
وأما وجه الإجارة فقوله عز وجل: نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون (الزخرف: 32)، فأخبر سبحانه أن الإجارة أحد معايش الخلق، وجعل ذلك قواما لعايش الخلق، وهو الرجل يستأجر الرجل في صنعته وأعماله وأحكامه وتصرفاته وأملاكه - إلى أن قال (عليه السلام):
وأما وجه الصدقات إنما هي لأقوام ليس لهم في الأمارة نصيب، ولا في العمارة حظ، ولا في التجارة أمان، ولا في الإجارة معرفة وقدرة، ففرض الله تعالى في أموال الأغنياء - الخبر (رسالة المحكم والمتشابه: 46 - 48).
والظاهر من قوله (عليه السلام): إنما هي لأقوام ليس لهم في الأمارة نصيب، أن لفظ الإشارة في مطلع التقسيم غلط من النساخ، وأن الأمارة هي النسخة الصحيحة، كما في الوسائل.